قال الحافظ: اختلاف الروايات دال على أن لا ترتيب في هذه الأذكار ويستأنس لذلك بقوله في حديث الباقيات الصالحات: (لا يضرك بأيهن بدأت) لكن يمكن أن يقال: الأولى البداءة بالتسبيح لأنه يتضمن نفي النقائص عن الباري سبحانه وتعالى ثم التحميد لأنه يتضمن إثبات الكمال له إذ لا يلزم من نفي النقائص إثبات الكمال ثم التكبير إذ لا يلزم من نفي النقائص واثبات الكمال أن لا يكون هناك كبير آخر ثم يختم بالتهليل الدال على انفراده سبحانه وتعالى بجميع ذلك (و) إن لكم بـ (محل تكبيرة صدقة و) بـ (محل تحميدة صدقة و) بـ (كل تهليلة صدقة) قال النواوي: رويناه بوجهين رفع صدقة على الاستئناف ونصبه عطفًا على أن بكل تسبيحة صدقة.
وقوله:(وأمر بالمعروف) بالرفع على الابتداء سوغ الابتداء بالنكرة عمله فيما بعده أو وقوعه في معرض التفصيل (صدقة) أي على صاحبك بالنصيحة وإرادة المنفعة سواء قبلها أم لا (ونهي عن منكر صدقة) فيه إشارة إلى ثبوت حكم الصدقة في كل فرد من أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولهذا أنكره والثواب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكثر منه في التسبيح والتحميد والتهليل لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية وقد يتعين ولا يتصور وقوعه نفلًا والتسبيح والتحميد والتهليل نوافل ومعلوم أن أجر الفرض أكثر من أجر النفل لقوله عزَّ وجلَّ: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضت عليه) رواه البخاري من رواية أبي هريرة وقد قال إمام الحرمين من أصحابنا عن بعض العلماء: إن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل بسبعين درجة واستأنسوا فيه بحديث كذا قال النواوي رحمه الله تعالى.
قال القرطبي: ومقصود هذا الحديث أن أعمال الخير إذا حسنت النيات فيها تنزلت منزلة الصدقات في الأجور ولا سيما في حق من لا يقدر على الصدقة ويفهم منه أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل له من سائر الأعمال القاصرة على فاعلها اهـ من المفهم.
(وفي بضع أحدكم) أي في جماعه (صدقة) على نفسه وعلى حليلته وإنما لم يقل: (وببضع أحدكم) إشارة إلى أنه إنما يكون صدقة إذا نوى به عفاف نفسه أو زوجته أو حصول ولد صالح وفيه جهة أخرى وهي الالتذاذ والشهوة وعلى هذا لا يكون صدقة قاله