أي: حين سُئل علماءُ الجرح عن ذلك أي: عن تلك المعايب، وقولُه:(لما فيه) متعلِّق بأَلْزمُوا مُعلِّلٌ له، والضميرُ عائدٌ على الكشف والإفتاء.
وقولُه:(مِنْ عَظيمِ الخطرِ) والهلاكِ على حَذْفِ مضافٍ؛ أي: وإنما أَلْزَمُوا أنفسَهم البَحْثَ عن معايب الرواة والإخبار بها لمن سألهم؛ لما في ذلك الكشفِ والإفتاءِ بها للناس السائلين عنها مِنْ دفع الخطر العظيم والهلاك الجسيم في الدِّين؛ لأنهم لو أعرضوا عن ذلك وتركوا الناسَ على حالهم .. لتناقَلُوا الأحاديثَ الضعيفةَ والأخبارَ الموضوعة عن قومِ غير مَرْضِيِّين وعَمِلوا بها في أحكام دينهم وسُننِ شريعتهم من التحليل والتحريم فضلُّوا وأضلُّوا، والضلالُ والإضلالُ من أعظمِ الهلاكِ الدِّينيِّ.
فاللامُ في قوله:(لِمَا) حرفُ جرٍّ وتعليلٍ، و (ما) موصولةٌ في محلِّ الجر باللامِ، والجارُّ والمجرورُ في قوله:(فيه) صلةٌ لما الموصولة، وفي قولِهِ:(من عظيم الخطر) متعلِّقٌ بالاستقرار المحذوف الواقع صلةً لما الموصولةِ أو حالٌ من ما الموصولةِ أو من ضمير الاستقرار.
والجارُّ والمجرورُ في (لما) تَنَازَعَ فيه كُلٌّ من (أَلْزَمُوا) و (أَفْتَوْا) والإضافةُ في قوله: (عظيمِ الخَطَرِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف وهو على تقديرِ مضافِ كما مَرَّ، وتقديرُ الكلام: وإنَّما أَلْزَمُوا أنفسَهم البَحْثَ عن مَعايبِ الرواة وأَخْبَرُوا تلك المعايبَ حين سُئِلُوا عنها؛ لأَجْلِ الأمرِ الَّذي استقرَّ وثَبَتَ في ذلك البَحْثِ والإخبار عنها حالة كون ذلك الأمر المستقرِّ فيه من دفع الخطر العظيم والهلاك العميم عن الأُمَّةِ الإسلاميةِ الَّذي هو الهلاكُ الأبديُّ في الدِّين.
و(إذ) من قوله: (إذِ الأَخْبَارُ) تعليليةٌ، و (الأَخْبارُ) بفتح الهمزة: جمعُ خَبَرٍ وهو مبتدأ، والجارُّ والمجرورُ في قوله:(في أَمْرِ الدِّين) وشأنِه: صفةٌ للأَخْبار؛ لأن ألْ فيه جنسيةٌ، فهو بمنزلة النكرة على حَدِّ قوله:
ولقد أَمُرُّ على اللئيم يَسُبُّني ... فمضيتُ ثمّتَ قلتُ لا يَعْنِيني