للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ تَحْرِيمٍ، أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْي، أَوْ تَرْغِيب أَوْ تَرْهِيبٍ، فَإذَا كَانَ الرَّاوي لَهَا لَيسَ بِمَعْدِنٍ لِلصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، ثُمَّ أَقْدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ قَدْ عَرَفَهُ

ــ

ما عُطِفَ عليها جملةٌ تعليليةٌ لا مَحَل لها من الإعراب، فهي عِلَّةٌ للعلّة المذكورة قبلها أعني قوله: (لما فيه من عظيمِ الخَطَرِ)، والتقدير: وإنما قلنا لما في ذلك من دَفْعِ عظيمِ الخَطَر؛ لأن الأخبارَ والأحاديثَ الواردةَ في بيان أَمْرِ الدِّين وشؤونه إنما تأتي وتجيء بتحليلِ أمرٍ؛ أي: بإظهار حِلِّيَّةِ أَمْرٍ من الأمور.

(أو) تأتي بـ (تحريمٍ) أي: بإظهارِ حُرْمَةِ أَمْرٍ من الأُمور، (أو) تأتي بـ (أَمْرٍ) بواجبٍ من الواجبات أو مندوب من المندوبات، (أو) تأتي بـ (نَهْيٍ) عن مُحَرَّمٍ من المُحَرَّمَات أو عن مكروهٍ من المَكروهات، (أو) تأتي بـ (ترغيبٍ) وتطميعٍ في مثوبةٍ من المَثُوبات، (أو) تأتي بـ (ترهيبٍ) وتخويفٍ عن عقوبةٍ من العقوبات.

والفاءُ في قوله: (فإذا كان الراوي لها) عاطفةٌ لجملةِ إذا الشرطيةِ على الجملة الاسمية في قوله: (إذِ الأَخْبَارُ في أَمْر الدِّينِ) على كونها عِلّةَ للعلِّةِ؛ لأنَّ جملةَ إذا الشرطيةِ من تمام العلّة؛ أي: فإذا كان الراوي والناقلُ لتلك الأخبارِ الواردةِ في أمرِ الدِّين (ليس) أي: ذلك الراوي (بمَعْدِنٍ) أي: بَمَرْكَزٍ ومَحَلٍّ (للصِّدْقِ) وهو الإِخْبَارُ عن الشيء على وَفْقِ ما هو عليه (والأمانة) والديانة، والأمانةُ: حِفْظُ ما عنده من الحقوق حتَّى يُؤَدِّيَها إلى مُستحقيها، بأنْ كان محلٍّا للكذب والخيانة، أي: فإذا كان الراوي لها كاذبًا خائنًا غيرَ مستقيم اللِّسان والدِّينِ.

و(ثُمَّ) في قوله: (ثُمَّ أَقْدَمَ على الروايةِ عنه) بمعنى الواو، أو بمعنى الفاء التي للتعقيب، والإقدامُ على الشيء: الهُجُومُ عليه بَغْتَةً من غيرِ تَرَوٍّ ولا تَفَكُّرٍ فيه.

و(مَنْ) في قوله: (مَنْ قَدْ عَرَفَهُ) فاعلٌ لـ (أَقْدَمَ)، والجملةُ الفعليةُ معطوفةٌ على جملة الشرط، أعني جملة كان، والضميرُ البارزُ في (عَرَفَهُ) عائدٌ على الراوي الكاذبِ الخائنِ ولكنه على تقدير مضاف كما يبيّن قريبًا، والمعنى: أي: فإذا كان الراوي لتلك الأخبار الواردةِ في أُمور الدِّين عادمَ الصدق والأمانة غيرَ مستقيم اللسان والدِّين ثم أَقْدَمَ وهَجَمَ على رواية تلك الأخبار عن ذلك الكاذب الخائن ونَقَلَهَا عنه مَنْ قد عُرِفَ كذبُه وخيانتُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>