للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ لِغَيرِهِ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْرِفتَهُ .. كَانَ آثِمًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، غَاشًّا لِعَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ؛

ــ

وجملةُ قوله: (ولم يُبَيِّنْ ما فيه لغيرِه) حالٌ من فاعل (أَقْدَمَ) أي: ثُمَّ أَقْدَمَ على الرواية عن ذلك الكَذَّابِ الخائن مَنْ قد عَرَفَه؛ أي: مَنْ قد عَرَفَ خيانةَ ذلك الخائِنِ وكَذِبَه، والحالُ أن ذلك العارفَ لم يُبيِّنْ ولم يُخْبِرْ ما فيه؛ أي: ما في ذلك الكاذب الخائن من الكذب والخيانة لغيره؛ أي: لغير ذلك العارفِ حال كَوْنِ ذلك الغَيرِ (مِمَّنْ جَهِلَ معرفتَه) أي: معرفةَ ذلك الكاذب وجهله للحديث، ففي الكلام اكتفاءٌ، وهو عند البديعيين: ذِكْرُ أحدِ متقابلين وحَذْفُ الآخر؛ لعِلْمِه من المذكور كقوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي: والبردَ، أو المرادُ بالمعرفة: الصِّدْقُ ومُقَابِلُه الكَذِبُ؛ أي: والحالُ أن ذلك الغيرَ ممَّنْ جَهِلَ صِدْقَ ذلك الخائن وكَذِبه.

وجملةُ قوله: ( .. كان آثمًا) جوابُ (إذا)؛ أي: كان ذلك المُقْدِمُ العارفُ الَّذي رَوَى الحديثَ عن الكاذب الخائنِ غير مبين لحاله لمن يروي لهم ممن لا يعرفون حال ذلك الكاذب آثمًا عاصيًا.

وقولُه: (بفِعْلِهِ) متعلِّقٌ بـ (آثمًا)، وهو من إضافة المصدرِ إلى فاعله، والضميرُ عائدٌ على المُقْدَمِ العارف الَّذي كتمَ حال الكاذب عن الناس.

وقولُه: (ذلك) مفعولٌ به للمصدرِ المذكورِ، واسمُ الإشارة راجعٌ إلى إقدامه على الرواية عن الكاذب ونَقْلِ حديثه إلى مَنْ لا يعرفون حال الكاذب غيرَ مُبيِّنٍ حاله لهم؛ أي: كان ذلك المُقْدِمُ الهاجمُ على رواية الأحاديث الموضوعة عن الكاذب لمن لا يعرفون حاله وحالها من غير بيان لحالِه وحالها لهم آثمًا عاصيًا؛ بسبب فعلِ ذلك المُقدِم الهاجمِ ذلك الإقدامَ على الرواية للأحاديث الموضوعة لمن لا يعرفون حالها وحال راويها مع كِتمان حالِها وحاله عنهم؛ لدخوله في عُموم قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا .. فَلْيَتَبَوَّأْ مقعدَه من النار"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَكْذِبُوا عَلَيَّ؛ فإنه مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ .. يَلجِ النارَ".

وقولُه: (غَاشًّا لِعَوَامِّ المسلمين) خبرٌ ثانِ لـ (كان) أي: وكان ذلك المُقْدِمُ على رواية الأحاديث الكاذبة مع معرفته لحالها من غير بيان لحال راويها لمن يروي لهم غاشًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>