ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذِ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكِ قَال: أَهْدَتْ بَرِيرَةُ إِلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - لَحْمًا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيهَا. فَقَال:"هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ. وَلَنَا هَدِيَّةٌ"
ــ
(ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (واللفظ له حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة عن قتادة سمع أنس بن مالك) فيه التنبيه على انتفاء تدليس قتادة لأنه عنعن في الرواية الأولى وصرَّح بالسماع في الثانية.
وهذا السند من خماسياته أيضًا وفيه تصريح سماع قتادة عن أنس.
(قال) أنس: (أهدت بريرة) مولاة عائشة رضي الله تعالى عنها (إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحمًا تصدق به عليها فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو) أي هذا اللحم (لها صدقة ولنا هدية) والمفهوم من المشارق وهو المستفاد مما ذكر في آخر هذا الباب أن المتصدق به عليها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شاة إليها من الصدقة فبعثت هي إليه صلى الله عليه وسلم لحمًا منها فلما أراد تناوله قيل له: يا رسول الله صدقة وأنت لا تأكل منها فقال صلى الله عليه وسلم (هو لها صدقة ولنا هدية) يعني أن اللحم المذكور لما تصدق به عليها صار ملكًا لها بقبضها والمتصدق عليه يسوغ له التصرف كتصرف سائر الملاك في أملاكهم فلما أهدته زال عنه وصف الصدقة وحكمها فالتحريم ليس لعين اللحم على أن تبدل الملك بمنزلة تبدل العين اهـ منه.
قال القاري: وفارقت الصدقة الهدية حيث حرمت عليه تلك وحلت له هذه بأن القصد من الصدقة ثواب الآخرة وذلك ينبئ عن عز المعطي وذل الآخذ في احتياجه إلى الترحم عليه والرفق إليه ومن الهدية التقرب إلى المهدي إليه وإكرامه بعرضها عليه ففيها غاية العزة والرفعة لديه وأيضًا فمن شأن الهدية مكافأتها في الدنيا ولذا كان صلى الله عليه وسلم يأخذ الهدية ويثيب عنها عوضها فلا منة ألبتة فيها بل لمجرد المحبة كما يدل عليه حديث: (تهادوا تحابوا) وأما جزاء الصدقة ففي العقبى ولا يجازيها إلا المولى عز وجل اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في الزكاة وأبو داود في الزكاة أيضًا والنسائي في العمرى كما في تحفة الأشراف.
ثم استشهد المؤلف ثانيا لحديث جويرية بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال: