للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه غَضَبَهُ قَال: رَضِينَا بِاللهِ رَبا، وَبِالإِسْلامِ دِينا، وَبِمُحَمدٍ نَبِيًّا. نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ. فَجَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يُرَدِّدُ هذَا الْكَلامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ. فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيفَ بِمَنْ يَصُومُ الدهْرَ كُلهُ؟

ــ

يقول كيف أصوم أو كم أصوم فيخص السؤال بنفسه ليجاب بمقتضى حاله كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم اهـ وأيضًا كان صومه صلى الله عليه وسلم لم يكن على منوال واحد بل كان يختلف باختلاف الأحوال فتارة يكثر الصوم وتارة يقله، ومثل هذا الحال لا يمكن أن يدخل تحت المقال فيتعذر جواب السؤال، ولذا وقع لجماعة من الصحابة أنهم سألوا عن عبادته لله تعالى فتقالوها، فبلغه، فاشتد غضبه عليهم قال: أنا أتقاكم لله وأخوفكم له، يعني ولا يلزم منه كثرة العبادة بل حسنها ومراعاة شرائعها وحقائقها ودقائقها وتقسيمها في أوقاتها اللائقة بها اهـ فتح الملهم، وقال القاضي عياض: غضبه لأنه كلفه ما يشق الجواب عنه لأنه إن أعلمه بصومه فلعله يقلده فيه فيعتقد وجوبه فيلحق بالفرض ما ليس منه أو يعلمه ما لا يقدر عليه فيتكلف ما يشق أو بأقل مما يقدر عليه فيعتقد أنه لا يسوغ له أن يصوم أكثر من صومه صلى الله عليه وسلم فيقصر عن فضائل كثيرة اهـ إكمال المعلم (فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه) صلى الله عليه وسلم أي أثر غضبه على السائل وخاف من دعائه عليه خاصة ومن السراية على غيره عامة لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} كذا في المرقاة (قال) عمر رضي الله عنه اعتذارًا عنه واسترضاء منه لقوله تعالى: {أَلَيسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} أي حتى يأتي بكلام سديد (رضينا بالله) أي بقضائه (ربًا وبالإسلام) أي وبأحكام الإسلام (دينًا وبـ) متابعة (محمد) صلى الله عليه وسلم (نبيًّا) ورسولًا، والمنصوبات تمييزات، ويحتمل أن تكون حالات مؤكدة، قاله القاري في المرقاة (نعوذ بالله) أي نلتجئ إلى الله ونتعوذ بذاته وعصمته (من غضب الله) تعالى علينا بسبب غضب رسوله علينا (و) من (غضب رسوله) صلى الله عليه وسلم علينا بسبب سوء أدبه (فجعل عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه يردد) أي يكرر (هذا الكلام) الذي قاله (حتى سكن) وهدأ (غضبه) صلى الله عليه وسلم (فقال عمر يا رسول الله) أي فلما سكت غضبه صلى الله عليه وسلم قال عمر كيف بمن يصوم الدهر) والسنة كله) أي جميعه إلا الأيام المنهي عنها صومها أي هل هو

<<  <  ج: ص:  >  >>