للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ. غَيرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي". قَالتْ: وَضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ

ــ

ظاهرة فلذلك سقط عنها أي عن الحائض طواف القدوم والوداع، واستدل البخاري في صحيحه في كتاب الحيض بعموم هذا الحديث على أن الحيض كان في جميع بنات آدم، وأنكر به على من قال: إن الحيض أول ما أرسل ووقع في بني إسرائيل، وكأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا فكانت المرأة تتشرف للرجل فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد. وعنده عن عائشة نحوه، قال الداودي: ليس بينهما مخالفة فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم فعلى هذا فقوله بنات آدم عام أُريد به الخصوص.

(قلت) ويمكن أن يجمع بينهما مع القول بالتعميم بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده، وقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره أن قوله تعالى في قصة إبراهيم وامرأته قائمة فضحكت أي حاضت، والقصة متقدمة على بني إسرائيل بلا ريب، وروى الحاكم وابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أهبطت من الجنة، وإذا كان كذلك فبنات آدم بناتها والله سبحانه وتعالى أعلم كذا في الفتح (فاقضي) أي فأدي وافعلي (ما يقضي الحاج) أي ما يفعله الحاج من المناسك من الوقوف والمبيت والرمي، والمراد بالقضاء هنا الأداء وهما في اللغة بمعنى واحد (غير أن لا تطوفي بالبيت حتى) تطهري و (تغتسلي) من الحيض أي إلا أنه لا تطوفي حتى تغتسلي وهذا الاستثناء مختص بأحوال الحج لا بجميع أحوال المرأة، وأما السعي فكالطواف إذ لا يصح إلا بعد الطواف، واختلف في علة المنع من الطواف فمن شرط الطهارة في الطواف قال: لأنها غير طاهر، ومن لم يشترطها قال: لأن البيت في المسجد والحائض لا تدخل المسجد اهـ فتح الملهم، قال الأبي: والمعنى أي افعلي ما يفعل الحاج من الوقوف بعرفة وغيره إلا الطواف فإنهم أجمعوا على منعها منه، واختلف في علة المنع كما مر آنفًا اهـ (قالت) عائشة (وضحى) أي أهدى (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر) إذ لا أضحية على الحاج لعدم الإقامة ويستروح منه أن الهدايا كانت تطوعًا أي جعلها مكان الأضحية لغير الحاج اهـ أبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>