للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ مِنْ صِحَاحِ الأَسَانِيدِ، لَا نَعْلَمُهُمْ وَهَّنُوا مِنْهَا شَيئًا قَطُّ، وَلَا الْتَمَسُوا فِيهَا سَمَاعَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضِ؛ إِذِ السَّمَاعُ لِكُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمْ مُمْكِنٌ مِنْ صَاحِبهِ، غَيرُ مُسْتَنْكَرٍ، لِكَوْنِهِمْ جَمِيعًا كَانُوا فِي الْعَصْرِ الَّذِي اتَّفَقُوا فِيهِ.

وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْقَائِلُ

ــ

المعرفة والعلم (بالأَخْبَارِ) والأحاديثِ الصحيحةِ والضعيفةِ (و) عندَ أصحابِ الخبرة بـ (الرواياتِ) الصحيحة والسقيمة.

وقولُه: (من صِحَاحِ الأسانيدِ)؛ صفةٌ لأسانيدُ؛ أي: وهي أسانيدُ كائناتٌ من جملة الأسانيد الصحيحة عند ذوي المعرفة بالأخبار والروايات.

(لا نَعْلَمُهُمْ) أي: لا نَعْلَمُ أهلَ العلمِ وأئمّة السَّلَفِ (وَهَّنُوا) بتشديد الهاء مفعولٌ ثانٍ لـ (نَعْلَمُ)، أي: لا نَعْلَمُ أحدًا من أئمة السلف وَهَّنَ وضَعَّفَ (منها) أي: من هذه الروايات السابقة (شيئًا) قليلًا ولا كثيرًا (قَط) ظرفٌ مستغرِقٌ لِمَا مَضَى من الزمان متعلِّقٌ بـ (نَعْلَمُ) أي: لم نَعْلَمْ قطُّ أحدًا منهم وَهَّنَ شيئًا من هذه الروايات.

وقولُه: (ولا الْتَمَسُوا) معطوفٌ على (وَهَّنُوا) أي: ولا عَلِمْنا أحدًا منهم الْتَمَس وطلب (فيها) أي: في هذه الروايات (سَمَاعَ بعضِهم من بعضٍ) أي: سماعَ هؤلاء الرُّواة بعضِهم من بعض.

وقولُه: (إذِ السَّمَاعُ لِكُلِّ واحدٍ منهم) تعليلٌ لعدم الالتماس؛ أي: وإنما لم يَلْتَمِسُوا تصريحَ سماع بعضهم من بعض فاكْتَفَوْا بالعنعنة؛ لأنَّ سماعَ كُلِّ واحدٍ منهم (مُمْكِنٌ من صاحبِهِ) أَي: لأنَّ سماعَ كُلِّ راوٍ من صاحبه وشيخِه الذي رَوَى له مُمْكِنٌ عادةً (غيرُ مُسْتنكَرٍ) عقلًا؛ أي: غيرُ مُنْكَرٍ عقلًا، لا تُنْكِرُه عقولُ أهل المعرفة والخبرة بالروايات، فالسين والتاء فيه زائدتان.

وقولُه: (لِكَوْنِهم جميعًا) تعليلٌ للإمكان؛ أي: وإنما كان مُمْكنًا غيرَ مُنْكَرٍ لكَوْنِ كُلِّ راو وصاحبه حال كَوْنِهم جميعًا (كانوا) ووُجِدوا (في العَصْرِ) والزمنِ (الذي اتَّفَقُوا) أي: اتَّفَقَ خَلْقهم (فيه) أي: في ذلك العصر، فاكْتَفَوْا عن علمِ السماع واللقاءِ بإمكانهما؛ إذِ المعاصرةُ تقتضِيهما غالبًا وإنْ لم يُعلما.

(وكان هذا القولُ) المُطَّرَحُ (الذي أَحْدَثَه) واخْتَرَعَه هذا (القائلُ) الزاعمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>