المعرفة والعلم (بالأَخْبَارِ) والأحاديثِ الصحيحةِ والضعيفةِ (و) عندَ أصحابِ الخبرة بـ (الرواياتِ) الصحيحة والسقيمة.
وقولُه:(من صِحَاحِ الأسانيدِ)؛ صفةٌ لأسانيدُ؛ أي: وهي أسانيدُ كائناتٌ من جملة الأسانيد الصحيحة عند ذوي المعرفة بالأخبار والروايات.
(لا نَعْلَمُهُمْ) أي: لا نَعْلَمُ أهلَ العلمِ وأئمّة السَّلَفِ (وَهَّنُوا) بتشديد الهاء مفعولٌ ثانٍ لـ (نَعْلَمُ)، أي: لا نَعْلَمُ أحدًا من أئمة السلف وَهَّنَ وضَعَّفَ (منها) أي: من هذه الروايات السابقة (شيئًا) قليلًا ولا كثيرًا (قَط) ظرفٌ مستغرِقٌ لِمَا مَضَى من الزمان متعلِّقٌ بـ (نَعْلَمُ) أي: لم نَعْلَمْ قطُّ أحدًا منهم وَهَّنَ شيئًا من هذه الروايات.
وقولُه:(ولا الْتَمَسُوا) معطوفٌ على (وَهَّنُوا) أي: ولا عَلِمْنا أحدًا منهم الْتَمَس وطلب (فيها) أي: في هذه الروايات (سَمَاعَ بعضِهم من بعضٍ) أي: سماعَ هؤلاء الرُّواة بعضِهم من بعض.
وقولُه:(إذِ السَّمَاعُ لِكُلِّ واحدٍ منهم) تعليلٌ لعدم الالتماس؛ أي: وإنما لم يَلْتَمِسُوا تصريحَ سماع بعضهم من بعض فاكْتَفَوْا بالعنعنة؛ لأنَّ سماعَ كُلِّ واحدٍ منهم (مُمْكِنٌ من صاحبِهِ) أَي: لأنَّ سماعَ كُلِّ راوٍ من صاحبه وشيخِه الذي رَوَى له مُمْكِنٌ عادةً (غيرُ مُسْتنكَرٍ) عقلًا؛ أي: غيرُ مُنْكَرٍ عقلًا، لا تُنْكِرُه عقولُ أهل المعرفة والخبرة بالروايات، فالسين والتاء فيه زائدتان.
وقولُه:(لِكَوْنِهم جميعًا) تعليلٌ للإمكان؛ أي: وإنما كان مُمْكنًا غيرَ مُنْكَرٍ لكَوْنِ كُلِّ راو وصاحبه حال كَوْنِهم جميعًا (كانوا) ووُجِدوا (في العَصْرِ) والزمنِ (الذي اتَّفَقُوا) أي: اتَّفَقَ خَلْقهم (فيه) أي: في ذلك العصر، فاكْتَفَوْا عن علمِ السماع واللقاءِ بإمكانهما؛ إذِ المعاصرةُ تقتضِيهما غالبًا وإنْ لم يُعلما.
(وكان هذا القولُ) المُطَّرَحُ (الذي أَحْدَثَه) واخْتَرَعَه هذا (القائلُ) الزاعمُ