للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِي حَكَينَاهُ فِي تَوْهِينِ الْحَدِيثِ بِالْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفَ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعَرَّجَ عَلَيهِ وَيُثَارَ ذِكْرُهُ؛ إِذْ كَانَ قَوْلًا مُحْدَثًا وَكَلامًا خَلْفًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سَلَفَ، وَيَسْتَنْكِرُهُ مَنْ بَعْدَهُمْ خَلَفَ،

ــ

(الذي حَكَيناه) أي: حَكَينا قولَه ووصَفْنَاه وذَكَرْناه فيما سَبَقَ من أول الباب إلى هنا.

وقولُه: (في تَوْهِينِ الحديثِ) متعلِّقٌ بأَحْدَثَه واخْتَرَعَه وقاله في تضعيف الحديث المعنعن.

وقولُه: (بالعِلَّةِ) متعلِّقٌ بـ (تَوْهِينِ)، وقولُه: (التي وَصَفَ) صفةٌ للعِلَّة، وهي عدمُ العلم بالملاقاة والسماع وعدمُ المشافهة؛ أي: الذي أحدثه وقاله في تضعيف الحديث المعنعن بالعلّة التي وَصَفَها وذَكَرَها.

وقولُه: (أَقَلَّ) خبرُ (كان) أي: وكان هذا القولُ الذي أحدثه واخترعه هذا الزاعمُ في قبول الحديثِ المُعَنْعَنِ واشْتَرَطه فيه أَقَلَّ وأَحْقَرَ وأضْعَفَ (مِنْ أنْ يُعَرَّجَ) ويعَوَّلَ ويعْتَمَدَ (عَلَيهِ) في هذا العلم (و) أَقَلَّ وأَدْوَنَ من أنْ (يُثارَ) وينْشَرَ ويشَاعَ (ذِكْرُه) بين عوامّ الناس وخاصّتِهم؛ لئلَّا يغْتَرَّ به مَن لم يُرْزَقِ التيقُّظَ والمعرفةَ في هذا العلم بأسبابِه وعِلَلِه.

وقوله: (إذْ كان) تعليلٌ لجملة الكَوْن؛ أي: وإنما كان أَقَلَّ من ذلك؛ لأنَّ هذا القولَ كان (قولًا مُحْدَثًا) أحدثه زاعمُه واخترعَه مِنْ عند نفسه من غير سابقيةٍ له من علماء السلف (و) كان (كلامًا خَلْفًا) أي: ساقطًا لم يَقُلْه أحدٌ من الخَلَف -والخَلْفُ بفتح الخاء وسكون اللام: الكلامُ الساقطُ عن ألسنة الناس فلا يقوله أحدٌ، والفاسدُ في قلوبهم فلا يعتقده أحدٌ، فلا اعتبارَ له عندهم قَلْبًا وقالبًا.

أي: كان قولًا (لم يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أهلِ العِلْمِ سَلَفَ) ففي الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ لغرض السَّجْع، وهذه الجملةُ راجعةٌ لقوله: (قَوْلًا مُحْدَثًا)، والتقديرُ:

أي: كان قولًا مُحْدَثًا لم يَقُلْه أحدٌ سَلَفَ من أئمّةِ هذا العلم (و) كلامًا (يَسْتنكِرهُ) أي: يُنكره، فالسينُ والتاءُ فيه زائدتان للمبالغة في الإنكار (مَنْ بَعْدَهُمْ) أي: مَنْ بعدَ السلفِ (خَلَفَ) وتأَخَّرَ، وفيه تقديمٌ وتأخيرٌ أيضًا لغرض السَّجْع، وهو راجعٌ لقوله: (كلامًا خَلْفًا)، والتقديرُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>