وهذا السند نفس السند الَّذي قبله ولكن المتن فيهما مختلف، وغرضه كسابقه بيان متابعة حفص بن غياث لحاتم بن إسماعيل في رواية هذا الحديث (في حديثه) أي في حديث جابر (ذلك) الطويل المذكور آنفًا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحرت) هديي (ها هنا) أي في هذا المنحر الَّذي عند الجمرة الأولى، وقد بني عليه بناءَان كل منهما يسمى مسجد النحر أحدهما على الطريق، والآخر منحرف عنها، قيل وهو الأقرب إلى الوصف الَّذي ذكروه في محل نحره صلى الله عليه وسلم (ومنى كلها) أي كل بقاعها (منحر) أي موضع نحر الهدي فيجوز النحر في أي بقعة منها فلا يختص النحر بمنحره صلى الله عليه وسلم وهو قريب من مسجد الخيف (فانحروا) أيها المؤمنون هداياكم (في رحالكم) أي في منازلكم التي نزلتم فيها من بقاع منى، قال أهل اللغة: رحل الرجل منزله سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر، ومعنى الحديث منى كلها منحر يجوز النحر فيها فلا تتكلفوا النحر في موضع نحري بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى (ووقفت ها هنا) أي قرب الصحرات (وعرفة كلها) أي بقاعها (موقف) أي إلَّا بطن عرنة (ووقفت ها هنا) أي عند المشعر الحرام بمزدلفة وهو الموجود بها الآن كذا في المرقاة (وجمع) بفتح الجيم وسكون الميم (كلها) أي كل بقاعها أنث الضمير لأن جمعًا علم لمزدلفة، قال الفيومي: ويقال لمزدلفة جمع إما لأن الناس يجتمعون بها، وإما لأن آدم اجتمع هناك بحواء اهـ (موقف) أي يصلح الوقوف في بقعة منها، قال النواوي: في هذه الألفاظ بيان رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم على مصالح دينهم ودنياهم فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر لهم الأكمل والجائز فالأكمل موضع نحره ووقوفه والجائز كل جزء من أجزاء المنحر وجزء من أجزاء عرفات وجزء من أجزاء مزدلفة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جابر، ضي الله عنه فقال:
٢٠٣٣ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا يحيى