بعد الراء، وهو منصوب مصروف بلا خلاف، وكان ينبغي أن يكتب بالألف وسواء كتب بالألف أم بحذفها لا بد من قراءَته هنا منصوبًا لأنه مصروف أي يجعلون الصفر من الأشهر الحرم، ولا يجعلون المحرم منها اهـ عيني، قال النووي: قال العلماء المراد به الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه وكانوا يسمون المحرم صفرًا ويحلونه وينسئون المحرم أي يؤخرون تحريمه إلى صفر لئلا يتوالى عليه ثلاثة أشهر محرمة فتضيق عليهم أمورهم التي اعتادوها من المقاتلة والغارة بعضهم على بعض فضللهم الله تعالى في ذلك بقوله: ({إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}[التوبة: ٣٧]) قال القرطبي: وحاصله أنهم كانوا يحلون من الأشهر الحرم ما احتاجوا إليه، ويحرمون مكان ذلك غيره وكان الذين يفعلون ذلك يسمون النساءة وكانوا أشرافهم، وفي ذلك قال عمير بن قيس الطعان:
ألسنا الناسئين على معد ... شهور الحل نجعلها حراما
فرد الله تعالى ذلك عليهم بقوله إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا قال: وأما تسمية الشهر صفرًا فقال رؤبة أصلها أنهم كانوا يغيرون فيها بعضهم على بعض فيتركون منازلهم صفرًا أي خالية من المتاع، وقيل لإصفار أماكنهم من أهلها اهـ (ويقولون) في جعلهم المحرم صفرًا (إذا برأ) كذا بهمزة، وفي بعض نسخ البخاري على ما أخبر به شارحه القسطلاني (إذا برأ) به. بدالها ألفًا أي إذا برأ وشفي (الدبر) أي جراحة ظهر البعير، والدبر بفتحتين ما كان يحصل بظهور الإبل من الجراحة ونحوها بسبب الحمل عليها ومشقة السفر فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج (وعفا) أي انمحى واندرس وانعدم (الأثر) أي أثر أخفاف الإبل وأقدام الناس في سيرها لطرل مرور الأيام عليها، وذكر العيني عن الكرماني روايةً (وعفا الوبر) وهو كذلك في سنن أبي داود، وعفا بمعنى أكثر فإنه من الأضداد، والوبر صوف الإبل، أي أكثر وبر الإبل الذي حلقته رحال الحاج (وانسلخ صفر) أي انتهى شهره، والمراد بانسلاخ صفر خروج المحرم فإنهم كانوا يسمون المحرم صفرًا بسبب النسيء كما بيانه (حلت العمرة لمن اعتمر) أي لمن أراد الاعتمار، قال النووي: وهذه الألفاظ يقرأ كلها ساكنة الراء ويوقف عليها لأن مرادهم السجع اهـ ووجه تعلق جواز الاعتمار بانسلاخ صفر مع كونه ليس من أشهر الجج وكذلك المحرم أنهم لما جعلوا المحرم صفرًا ولا يستقرون ببلادهم في الغالب ولا