للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَن لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ،

ــ

معنى الزعم ومن هنا يصح أن يكون الغرض من ذكر أوصافهم مجموع الأمرين، والله تعالى أعلم انتهى.

ويستفاد من سؤال يحيى بن يعمر لابن عمر عن هذه البدعة مبادرة بيان ما كان عليه السلف من إنكار البدع، وفزعهم فيما يطرأ على الدين منها إلى ما عند الصحابة في ذلك من علم، إذ هم المأمور بالاقتداء بهم، وبيان جواز مذاكرة العلم في الطريق وكرهه بعضهم، والصحيح الجواز لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع للناس يسألونه.

وما رُوي أن قاضي المدينة سأل مالكًا عن حديث وهو ماش فأمر به إلى السجن، فقيل: إنه القاضي، فقال: القاضي أحق أن يُؤدب، لم يثبت عنه انتهى كلام القاضي عياض، قال السنوسي: قلت: وإن ثبت فلا ينافي مقتضى ما ذكرنا إذ لعله إنما أدبه لكون الطريق الذي سأله فيه لا يليق أن يذكر فيه الحديث لقذرٍ فيه ونحوه، أو لكونه قد أعد وقتًا ومجلسًا مخصوصين للحديث فسؤاله عن الحديث في غيرهما يدل على عدم الاهتبال بشأنه، وأما سؤال ابن عمر في هذه القضية وإن كان ماشيًا فلعله كان في المجلس أو في موضع طاهر يليق بذكر الحديث وغيره، مع أن السائلين إنما استفتياه في واقعة اضطرا إلى استعلام رأيه فيها، وأما وقوف النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال الناس فإنما كان بمنى، وهي موضع أعد لعبادة الله تعالى وذكره كالمسجد والصحراء التي أعدت لصلاة العيد ونحوها فليس لقراءة القرآن فيها جناح. اهـ

وجملة أن في قوله (وأنهم يزعمون) في تأويل مصدر معطوف على مفعول ذَكَرَ المحذوف والتقدير وذكر يحيى بن يعمر من شانهم وفضلهم في العلم وقراءة القرآن شيئًا عظيمًا، وذكر أنهم أي أن هؤلاء المبتدعة التي ظهرت في البصرة يزعمون أي يقولون قولًا باطلًا بلا دليل (أن لا قدر) ولا قضاء سابق في علم الله، وأن هنا مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، وجملة لا النافية خبرها، وجملة أن المخففة في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي زعم، أي وذكر زعمهم أن لا قدر أي عدم سابقية علم الله سبحانه بالأشياء أزلًا، وجملة قوله (وأن الأمر) والعلم أي وأن علم الله تعالى بالأشياء (أُنف) بضمتين أي مستأنف تابع لوجودها وواقع بعد وقوعها معطوفة على جملة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>