تعمية لحاله، قال الأبي: وقد تقدم أنه لدالة المعلم، قال السنوسي: قلت: إنما تصح الدالة لو كان خاليًا معه، أما مع حضور الناس فلا يصح أن يخاطبه إلَّا بما يسوغ لهم أن يخاطبوه به لا سيما وقد جاء في هذه القصة (ليعلمهم دينهم) فكيف يصح أن يصدر منه ما ينافي ذلك فالأصح في الاعتذار ما سبق أعني التعمية، أو يقال كان هذا قبل منع ندائه صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك قبل نزول قوله تعالى {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} الآية.
(أخبرني عن) حقيقة (الإسلام) وماهيته شرعًا، وأما لغة فالإسلام هو الاستسلام والانقياد ومنه قوله تعالى {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي انقدنا، وشرعًا هو الانقياد بالأفعال الظاهرة الشرعية، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس عنه: "الإسلام علانية والإيمان في القلب" رواه ابن أبي شيبة في مصنفه.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام) أي حقيقة الإسلام وأجزاؤه وأركانه خمسة، فإن (قلت) جَعْلُ الإسلام اسمًا للخمسة يوجب أن لا يكون مسلمًا إلَّا من فعل الجميع، وليس الأمر كذلك لحديث: "من قال لا إله إلَّا الله دخل الجنة" فجعل النطق بالشهادتين وحده كافيًا لأن لا إله إلَّا الله كناية عنهما، وعند الشافعية من قال: لا إله إلَّا الله فهو مسلم، ويطالب بالأخرى، فإن أبي منها قُتل، ولهم قول آخر أنه لا يُقتل، وعند المالكية من صلى ثم أبي الإسلام قال الأكثر: يُقتل.
(قلت) فرق بين النظر في الشيء من حيث بيان حقيقته وبين النظر فيه من حيث معرفة ما يجزئ منه فما يجزئ منه حُكمٌ من أحكامه، والأحكام جعلية فيجوز أن يعرّف الشارع حقيقة ويجعل بعض أجزائها بمنزلتها في الحكم كما هنا عرف الإسلام بأنه فعل الأركان ثم جعل أحدها كافيًا في دخول الجنة اهـ أبي.
الأول منها (أن تشهد) أي أن تقر بلسانك وتعتقد بقلبك (أن لا إله) أي أنه لا معبود بحق في الوجود (إلا الله) أي إلَّا الذات الواجب الوجود لذاته المستجمع لجميع الكمالات المنزه عن جميع النقائص (و) أن تشهد (أن محمدًا) ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم (رسول الله) صلى الله عليه وسلم؛ أي مرسل من الله سبحانه