للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ

ــ

(و) الثالث أن تؤمن بـ (ـكتبه) أي أن تصدق بأنها كلامه الحق سواء نزلت مكتوبة كالتوراة أو وحيًا كالقرآن جملة كهي، أو نجومًا كهو.

(و) الرابع أن تؤمن بـ (ـرسله) أي أن تصدق بأن لله سبحانه رُسلًا صادقين فيما أخبروا به عن الله تعالى مؤيدين من الله تعالى بالمعجزات الدالة على صدقهم وأنهم بلّغوا عن الله رسالاته، وبينوا للمكلفين ما أمرهم الله ببيانه لهم، وأنه يجب احترامهم وأن لا يفرق بين أحد منهم.

(و) الخامس أن تؤمن بـ (ـاليوم الأخر) أي أن تصدق بوجود اليوم الآخر وبمجيئه، وبجميع ما اشتمل عليه من الإعادة بعد الموت والحشر والحساب والميزان والصراط والجنة والنار وأنهما دارا ثوابه وجزائه للمحسنين والمسيئين، إلى غير ذلك مما صح نصه وثبت نقله، وسُمي آخرًا لأنه آخر أيام الدنيا، ولأنه آخر الأزمنة المحدودة، وقيامةً لقيام الناس على أقدامهم.

(و) السادس أن (تومن بالقدر) قال الأبي: قيل أعاد معه لفظة تؤمن لعلمه أن الأمة تختلف فيه، أي وأن تصدق بالقدر أي بتقدير الله سبحانه الكائنات في الأزل على هيئة وجودها فيما لا يزال أي علمه بمقاديرها وهيئاتها وأزمنتها وأمكنتها قبل وجودها وقوله (خيره وشره) بدل من القدر، بدل تفصيل من مجمل، أي وأن تصدق بخير ذلك المقدر ونفعه للعباد كالإيمان والطاعات، وبشره وضره للعباد كالكفر والمعاصي من الله تعالى، وهو ما دل عليه قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦] وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩] وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠] ويدل عليه إجماع السلف والخلف على صدق قول القائل: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" رواه مسلم ومالك في الموطأ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

قال السنوسي: فكأنه أعاد العامل فيه اعتناء بشأنه وتنبيهًا على أن المصيبة تجيء الأمة منه، ويدل أيضًا على اعتنائه بهذا النوع إعادته له مع دخوله في الإيمان بالله تعالى إذ من الإيمان بالله تعالى الإيمان بقدم جميع صفاته، وأنه يستحيل على ذاته الحوادث، ويدخل في صفاته علمه وإرادته المعبر عن قدمهما بالقدر اهـ منه.

(تنبيه) مذهب السلف وأئمة الفتوى من الخلف أن من صدق بهذه الأمور الستة

<<  <  ج: ص:  >  >>