عليه وسلم) صفة للقول أي قولًا حدّث به رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا، والمقول هو حمد الله تعالى وثناؤه عليه الخ، وقوله:(الغد) بالنصب على الظرفية (من يوم الفتح) والمراد به اليوم الثاني من فتح مكة أي خطب به في اليوم الثاني من فتح مكة، وقوله:(سمعته أذناي) صفة ثانية لقولًا، وفي رواية البخاري فسمعته أذناي بالفاء العاطفة على قام أي سمعت ذلك القول أذنان لي، وفيه إشارة إلى بيان حفظه له من جميع الوجوه، فقوله: سمعته أي حملته عنه بغير واسطة، وذكر الأذنين للتأكيد، وقوله:(ووعاه) أي حفظه (قلبي) أي عقلي إشارة إلى تحققه وتثبته فيه، وفيه إشارة إلى أن العقل محله القلب، وقوله:(وأبصرته) صلى الله عليه وسلم (عيناي حين تكلم به) أي بذلك القول زيادة في مبالغة التأكيد لتحققه وإشارة إلى أن سماعه منه لم يكن مقتصرًا على مجرد سماع الصوت بل كان مع المشاهدة والتحقيق لما قاله، قال النواوي: أراد بهذا كله المبالغة في تحقيق حفظه إياه وتيقنه، وقوله:(أنه) صلى الله عليه وسلم (حمد الله) سبحانه وتعالى أي وصفه بالكمالات (وأثنى عليه) تعالى أي ذكره بتنزهه عن النقائص بفتح الهمزة بدل من قوله قولًا أي أحدثك أنه حمد الله تعالى الخ وبكسرها في رواية للبخاري على أنه بيان لتكلم فالجملة مستانفة استئنافًا بيانيًا، ويؤخذ منه استحباب الثناء بين يدي تعليم العلم وتبيين الأحكام والخطبة في الأمور المهمة اهـ فتح الملهم (ثم) بعد حمد الله تعالى وثنائه عليه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مكة) المكرمة (حرمها الله) تعالى أي حكم بتحريمها وقضى به، وهل المراد مطلق التحريم فيتناول كل محرماتها أو خصوص ما ذكره بعد من سفك الدم وقطع الشجر يعني أنه حرمها ابتداء من غير سبب يُعزى إلى أحد ولا مقدمة ولا لأحد فيه مدخل لا نبي ولا عالم ولا مجتهد، وأكد ذلك المعنى بقوله:(ولم يحرمها الناس) وهذا نفي لما كان يعتقده الجاهلية وغيرهم من أنهم حرموا أو حللوا من قبل أنفسهم ولا منافاة بين هذا وبين حديث جابر المروي في مسلم "إن إبراهيم حرم مكة وأنا حرمت المدينة" لأن إسناد التحريم إلى إبراهيم من حيث إنه مبلغه فإن الحاكم بالشرائع والأحكام كلها هو الله تعالى والأنبياء