للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً. فَإِنْ أَحَد تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ

ــ

يبلغونها ثم إنها كما تضاف إلى الله تعالى من حيث إنه الحاكم بها تضاف إلى الرسل لأنها تسمع منهم وتظهر على ألسنتهم فلعله لما رُفع البيت المعمور إلى السماء وقت الطوفان اندرست حرمتها وصارت شريعة متروكة منسية إلى أن أحياها إبراهيم عليه السلام فرفع قواعد البيت ودعا الناس إلى حَجِّهِ وحد الحرم وبين حرمته، وكذلك نسبته إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما قد يُنسب الحكم للقاضي لأنه منفذه والحكم لله العلي الكبير بحكم الأصالة والحقيقة، والحاصل أن تحريمها كان بوحي من الله تعالى لا من اصطلاح الناس ثم بيّن الله سبحانه وتعالى التحريم بقوله: (فلا يحل لامرئ) وكذا المرأة (يؤمن بالله واليوم الآخر) الخ فيه تنبيه على الامتثال لأن من آمن بالله لزمته طاعته، ومن آمن باليوم الآخر لزمه امتثال ما أُمر به واجتناب ما نهي عنه خوف الحساب عليه وقد تعلق به من قال: إن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة، والصحيح عند الأكثر خلافه، وجوابهم بأن المؤمن هو الذي ينقاد للأحكام وينزجر عن المحرمات فجعل الكلام معه وليس فيه نفي ذلك عن غيره، وقال ابن دقيق العيد: الذي أراه أنه من خطاب التهييج المعلوم عند علماء البيان نحو قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فالمعنى أن استحلال هذا النهي عنه لا يليق بمن يؤمن بالله واليوم الآخر بل ينافيه فهذا هو المقتضِي لذكر هذا الوصف، ولوقيل: لا يحل لأحد مطلقًا لم يحصل منه هذا الغرض وإن أفاد التحريم كذا في الفتح (أن يسفك) أي أن يريق (بها) أي بمكة بكسر الفاء وحكي ضمها وهو صب الدم والمراد به القئل، واستدل به على تحريم القتل والقتال بمكة أي أن يصب بمكة (دمًا) بالقتل الحرام وقيس بها سائر الحرم (ولا يعضد) بضم الضاد المعجمة كما قاله ابن الخشاب، وقيل: بكسر الضاد المعجمة وفتح الدال أي ولا يقطع (بها) أي في مكة (شجرة) وكلمة لا هنا زائدة لتأكيد النفي المستفاد من لا الأولى، ويؤخذ منه حرمة قطع شجر الحرم الرطب غير المؤذي، وإذا حرم القطع فالقلع من باب أولى (فإن أحد ترخص) بوزن تفعل من الرخصة وهو حكم ثبت لعذر مع قيام المحرم، وأحد مرفوع بفعل مضمر وجوبًا يفسره ما بعده وهو من باب الاشتغال الذي يجب فيه الرفع على الفاعلية؛ أي فإن ترخص أحد القتال رسول الله صلى الله عليه وسلم) متعلق بقوله: ترخص أي لأجل قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>