بولي" مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعيَّن الاحتمال الثاني فإنه إذا تقرر هذا فمعنى أحق وهو يقتضي المشاركة أن لها في نفسها في النكاح حقًّا ولوليها حقًّا وحقها آكد من حقه، فإنه لو أراد تزويجها بكفؤ وامتنعت لم تجبر، ولو أرادت أن تتزوج كفؤًا وامتنع الولي أُجبر الولي على تزويجها، ولو أصر زوجها القاضي فدل على تأكيد حقها ورجحانه كذا قال النووي:(والبكر تستأذن) أي يطلب منها الإذن (في نفسها) أي في نكاحها (وإذنها صُماتها) بضم الصاد أي سكوتها يقال: صمت صمتًا من باب قتل وصموتًا وصماتًا، وفي الكلام قلب، والأصل وصماتها كإذنها الصريح لأنه لا يُخبر عن شيء إلا بما يصح أن يكون وصفًا له حقيقة أو مجازًا، فيصح أن يقال الفرس يطير، ولا يصح أن يقال الحجر يطير لأنه لا يوصف بذلك حقيقة ولا مجازًا، وصماتها كإذنها صحيح، ولا يصح أن يكون إذنها مبتدأ لأن الإذن لا يصح أن يوصف بالسكوت لأنه يكون نفيًا له فيبقى المعنى إذنها مثل سكوتها وقبل الشرع كأن سكوتها غير كاف فكذلك إذنها فينعكس المعنى قاله الفيومي؛ يعني أنها لا تحتاج إلى إذن صريح منها بل يكتفي بسكوتها لكثرة حيائها. قال النووي: ظاهره العموم في كل بكر وفي كل ولي وأن سكوتها يكفي مطلقًا وهذا هو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: إن كان الولي أبًا أو جدًّا فاستئذانه مستحب، ويكفي فيه سكوتها، وإن كان غيرهما فلا بد من نطقها لأنها تستحيي من الأب والجد أكثر من غيرهما، والصحيح الذي عليه الجمهور أن السكوت كاف في جميع الأولياء لعموم الحديث ولوجود الحياء، وأما الثيب فلا بد من النطق بلا خلاف سواء كان الولي أبًا أو غيره لأنه زال كمال حيائها بممارسة الرجال وسواء زالت بكارتها بنكاح صحيح أو فاسد أو بوطء شبهة أو بزنا، ولو زالت بكارتها بوثبة أو بإصبع أو بطول المكث أو وطئت في دبرها فلها حكم الثيب على الأصح، وقيل حكم البكر والله أعلم اهـ منه.
وقوله:(قال) مالك ليحيى بن يحيى (نعم) حدثني عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير جواب الاستفهام المقدر في قوله: أحدثك عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير. وسْارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [٢٠٩٨]، والترمذي [١١٠٨]، والنسائي [٦/ ٨٤].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: