للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمطلق ثلاثًا بانت منك وعصيت ربك، وبدليل ما رواه ابن عباس عن محمود بن لبيد قال البخاري: له صحبة، قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان ثم قال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم" رواه النسائي في [٦/ ١٤٢] هذا يدل على أنه محرم ومنكر فكيف يكثر فيهم العمل بمثل هذا ولا ينكرونه وهذا محال على قوم وصفهم الله تعالى بقوله: {كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠] إلى غير ذلك مما وصفهم الله تعالى به لا يقال هذا يبطل بما وقع عندهم من الزنا والسرقة وغير ذلك من الأسباب التي ترتبت عليها الأحكام لأنا نقول هذه لما وقعت أنكروا تلك الأمور وأقاموا الحدود فيها ولم يفعلوا ذلك فيما ذكرناه فافترقا وصح ما أبديناه، فإن قيل لعل تحريم ذلك لم يكن معلومًا عندهم! قلنا: هذا باطل فإنهم أعرف بالأحاديث ممن بعدهم، وقد ذكرنا ما رُوي في ذلك عن ابن عباس وابن عمر، والله تعالى أعلم.

(٥) ومنها: أن ظاهر ذلك الحديث خبر عن جميعهم أو عن معظمهم، والعادة تقتضي فيما كان هذا سبيله أن يفشو وينتشر ويتواتر نقله وتحيل أن ينفرد به الواحد ولم ينقله منهم إلا ابن عباس ولا عنه إلا أبوالصهباء، وما رواه طاوس عن ابن عباس في الأصل قد رواه أبو داود عن طاوس عن أبي الصهباء عن ابن عباس ولو رواه عنه لم يخرج بروايته عنه عن كونه خبر واحد غير مشهور، وهذا الوجه يقتضي القطع ببطلان هذا الخبر فإن لم يقتض ذلك فلا أقل من أن يفيدنا الريبة فيه والتوقف، والله أعلم.

(٦) ومنها: تطرق التأويل إليه ولعلمائنا فيه تأويلات أحدهما ما قاله بعض البغداديين: إن معناه الإنكار على من يخرج عن سنة الطلاق بإيقاع الثلاث والإخبار عن تساهل الناس في مخالفة السنة في الزمان المتأخر عن العصرين السابقين فكأنه قال: كان الطلاق الموقع الآن ثلاثًا في ذينك العصرين واحدة كما يقال: كان الشجاع الآن جبانًا في عصر الصحابة، وكان الكريم الآن بخيلًا في ذلك العصر، فيفيد تغير الحال بالناس، وثانيهما قال غير البغداديين: المراد بذلك الحديث من تكرر الطلاق منه فقال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق فإنها كانت عندهم محمولة في القدم على التأكيد فكانت واحدة وصار الناس بعد ذلك يحملونها على التأسيس والتجديد فالزموا ذلك لما ظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>