الزوجين، ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغير حال فاعل ذلك، وقال ابن العربي: التغير محال على الله بالدلالة القطعية فيجب تأويله بلازمه كالوعيد أو إيقاع العقوبة بالفاعل، ومن أشرف وجوه غيرته تعالى اختصاصه قومًا بعصمته يعني فمن ادعى شيئًا من ذلك لنفسه عاقبه، وأشد الآدميين غيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يغار لله ولدينه ولهذا كان لا ينتقم لنفسه، هذا ملخص ما في فتح الباري في باب الغيرة من كتاب النكاح.
(قلت): والمذهب الأسلم الأعلم مذهب السلف من إجراء صفات الله تعالى على ظاهرها من غير تأويل كما ذكرنا آنفًا هـ من الفهم السقيم.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(من أجل) شدة (غيرة الله) سبحانه وتعالى (حرم الفواحش) والمعاصي (ما ظهر منها) كالموبقات السبع (وما بطن) كالأدواء القلبية من العجب والكبر والحسد والرياء والسمعة إلى غير ذلك تفسير لغيرة الله تعالى بمعنى أنه منع الناس من المحرمات ورتب عليها العقوبات، وإلا فالغيرة تغير يعتري الإنسان عند رؤية ما يكرهه على الأهل وهو على الله سبحانه محال أفاده النووي. وفي المشارق عن ابن مسعود:(ولا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش)(ولا شخص أغير من الله) تعالى، والشخص في الحقيقة جرم الإنسان والشخص بهذا التفسير محال على الله سبحانه فالمراد لا أحد كذا حققه الأبي. (قلت) والتعبير به للتفنن (ولا شخص أحب إليه العذر) أي الإعذار أي قطع الاعتذار عمن أراده (من الله) سبحانه وتعالى (من أجل ذلك) أي من أجل قطع الاعتذار إليه عن المكلفين (بعث الله المرسلين مبشرين) لمن آمن بالجنة (ومنذرين) لمن كفر بالنار؛ يعني أنه سبحانه وتعالى مع شدة غيرته يحب أن لا يعذب أحدًا حتى يعذره ولذلك بعث الأنبياء والمرسلين (ولا شخص أحب إليه المدحة) أي المدح فالمدحة إذا ثبتت الهاء كسرت الميم وإذا حذفت فتحت، والمدح هو الثناء على الله تعالى بذكر أوصاف الكمال والإفضال (من الله) تعالى يعني أنه تعالى وعد الجنة ورغب فيها ليكثر الناس مدحه ويسألوه إياها (من أجل ذلك وعد الله الجنة).