للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحْلَلْتَ بَيعَ الرِّبَا. فَقَال مَرْوَانُ: مَا فَعَلْتُ. فَقَال أَبُو هُرَيرَةَ: أَحْلَلْتَ بَيعَ الصِّكَاكِ. وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى. قَال: فَخَطَبَ مَرْوَانُ النَّاسَ، فَنَهَى عَنْ بَيعِهَا.

قَال سُلَيمَانُ: فَنَظَرْتُ إِلَى حَرَسٍ يَأْخُذُونَهَا مِنْ أَيدِي النَّاسِ

ــ

فكان ذلك من أسباب وقعة الحرة وبقي بالشام إلى أن مات معاوية بن يزيد بن معاوية فبايعه بعض أهل الشام في قصة طويلة.

أي قال أبو هريرة لمروان في زمن إمرته على المدينة (أحللت) أي هل أحللت يا مروان (بيع الربا) أي هل أجزته وأذنت فيه بتركك النهي عنه فهذا إغلاظ في الإنكار عليه وكان مروان إذ ذاك واليًا على المدينة من جهة معاوية (فقال مروان) لأبي هريرة مستفهمًا عن فعل نفسه حين قال له أبو هريرة ذلك (ما فعلت؟ ) أي: أي شيء فعلت مما يدل على إحلال بيع الربا (فقال) له (أبو هريرة: أحللت) للناس (بيع الصكاك) أي أجزته فكأنك جعلته حلالًا، والصكاك جمع صك ويجمع على صكوك وهي الورقة المكتوبة بدين والمراد هنا الورقة التي تخرج من ولي الأمر بالرزق لمستحقه بأن يكتب فيها لفلان كذا وكذا من طعام أو غيره فيبيع صاحبها ما فيها لإنسان آخر قبل أن يقبضه (و) الحال أنه (قد نهى) وزجر (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفى) ويقبض وهذا موضع الاستشهاد منه (قال) سليمان بن يسار (فخطب مروان الناس فنهى) مروان الناس (عن بيعها) أي عن بيع الصكاك أي عن بيع ما فيها من الطعام وغيره، وكانت الأرزاق المعينة للمستحقين من الجند وغيرهم كالمحاويج تكتب صكاكًا فتخرج مكتوبة فتباع وهي كالشيكات في زماننا (قال سليمان) بن يسار (فنظرت إلى حرس) معطوف على محذوف تقديره فبعث مروان أجناده إلى أفراد الناس يبحثون عن الصكاك فنظرت إلى حرس أي إلى جند من أعوانه حال كونهم (يأخذونها) أي يأخذون الصكاك (من أيدي الناس) الذين اشتروها من مستحقيها فيردونها إلى أصحابها الذين كتبت لهم، وعبارة الموطأ (فبعث مروان الحرس يتبعونها ينتزعونها من أيدي الناس ويردونها إلى أهلها) وهي أوضح من عبارة مسلم. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات ولكن أخرجه أحمد [٢/ ٣٤٩].

قال القرطبي: وقول أبي هريرة لمروان: (أحللت بيع الصكاك) إنكار منه عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>