وتغليظ، وهذا نص في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يُفتي على الأمراء وغيرهم وهو رد على من جهل حال أبي هريرة وقال: إنه لم يكن مفتيًا وهو قول باطل بما يوجد له من الفتاوى وبالمعلوم من حاله وذلك أنه كان من أحفظ الناس لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وألزم الناس للنبي صلى الله عليه وسلم ولخدمته حضرًا وسفرًا وأغزرهم علمًا (والصكوك) جمع صك وهي التوقيعات السلطانية بالأرزاق وهذا البيع الذي أنكره أبو هريرة للصكوك إنما هو بيع من اشتراه ممن رزقه لا بيع من رزقه لأن الذي رزقه وصل إليه الطعام على جهة العطاء لا المعاوضة ودليل ذلك ما ذكره مالك في الموطأ [٢/ ٦٤١] قال: إن صكوك الجار بتخفيف الراء مدينة على ساحل بحر القلزم - الأحمر - بينها وبين المدينة المنورة يوم وليلة معجم البلدان [٢/ ٩٢] أي إن صكوكها خرجت للناس في زمن مروان من طعام "الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها، وذكر الحديث في الموطأ أيضًا (أن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر بن عبد العزيز للناس فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه) "فإن قيل فما في الموطأ يدل على فسخ البيعتين بيع المعطي له وبيع المشتري منه إذ فيه أن مروان بعث الحرس لينزعوا الصكوك من أيدي الناس ولم يفرق فالجواب ما قد بينه بتمام الحديث حيث قال: ويردونها إلى من ابتاعها وكذلك فعل عمر بحكيم فإنه رد الطعام عليه لأنه هو الذي كان اشتراه من الذي أعطيه فباعه قبل أن يستوفيه كما نصّ عليه فيه، (والجار) موضع معروف بالساحل كان يجتمع فيه الطعام فيرزق الناس منه بصكاك كما مر آنفًا اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عباس بحديث جابر رضي الله عنهم فقال:
٣٧٢٨ - (١٤٥٨)(٢١)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا روح) بن عبادة القيسي البصري ثقة من (٩)(حدثنا ابن جريج) الأموي المكي (حدثني أبو الزبير) محمد بن مسلم المكي (أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما (يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني