صادفت رحبًا وسعة وفيه جواز قول الرجل لغيره مرحبًا وكذا ترجم عليه البخاري، وفيه وفد الرعية على الإمام وتبليغهم عنه.
وقوله (غير خزايا) بالنصب حال من فاعل العامل المحذوف في مرحبًا أي أتيتم وصادفتم رحبًا وسعة حالة كونكم غير مُذلين ولا مهانين ولا مفضوحين بوطء البلاد وقتل الأنفس وسبي النساء، قال النواوي: ونَصْبُهُ هو المعروف وبالجر صفة للقوم والخزايا جمع خزيان كحيارى جمع حيران وندامى جمع ندمان كما قال تأبط شرًّا:
فخالط سهل الأرض لم يكدح الصفا ... به كدحة والموت خزيان ينظر
من خزي يخزى خزيًا إذا ذل أو من خزي يخزى خزاية إذا خجل واستحيى، فالمعنى على الأول غير أذلاء وعلى الثاني غير مستحيين لقدومكم مبادرين دون حرب يوجب استحياءكم قال النواوي: غير خزايا بالنصب حال كما مر، وقال صاحب التحرير: ويُروى بالجر صفة للقوم، قال الأبي: الأولى على البدل لأنَّ في جعله صفة وصف المعرفة بالنكرة إلا أن تجعل أل في القوم جنسية كما هي في قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
قوله (ولا الندامى) قال النواوي هكذا في الأصول الندامى بالألف واللام وخزايا بحذفها، وروي في غير هذا الموضع بالألف واللام فيهما، وروي بإسقاطهما فيهما، قال القرطبي: والندامى جمع نادم من الندم لكنه على غير قياس لأنَّ قياس ندامى أن يكون جمع ندمان من المنادمة يعني المنادم على اللهو والخمر والندمان هو المجالس على الخمر وساقيها كما قال الشاعر:
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتثلِّم
وليس هذا مرادًا هنا وإنما جمع نادمًا هذا على ندامى إتباعًا لخزايا على عادتهم في إتباع اللفظِ اللفظَ وإن لم يكن بمعنى كما قالوا إني لآتيه بالغدايا والعشايا فجمعوا الغدوة على غدايا لما ضموه إلى العشايا كما قال شاعرهم وهو قلاخ بن حبابة وقيل ابن مقبل:
هتاك أخبية ولَّاج أبوبة ... يخلط بالبر منه الجد واللينا