للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: فَقَالُوا: إِنَّا نَأْتِيكَ (١) مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَإِنَّ بَينَنَا وَبَينَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ،

ــ

فجمع الباب على أبوبة لما أتبعه أخبية، ولو أفرده لما جاز ذلك ومن هذا النوع قوله - صلى الله عليه وسلم - للنساء المتبعات للجنازة: "ارجعن مأزورات غير مأجورات" رواه ابن ماجه (١٥٧٨) وفي إسناده دينار بن عمر ضعيف، ولولا مراعاة الإتباع قال موزورات بالواو لأنه من الوزر، وقال محمَّد بن جعفر القيرواني القزاز في جامعه يقال في النادم ندمان فيكون ندامى على القياس، ومعنى هذا الكلام التأنيس والإكرام والثناء عليهم بأنهم بادروا بإسلامهم طائعين من غير خزي لحقهم من قهر وسباء وإسار، ثمَّ إنهم لما أسلموا كذلك احتُرِمُوا وأُكْرموا وأُخْبوا فلم يندموا على ذلك بل انشرحت صدورهم للإسلام وتنورت قلوبهم بالإيمان وغير خزايا منصوب على الحال أي أتيتم في هذه الحال وروي ولا الندامى ولا ندامى معرفًا وغير معرف وهما بمعنى واحد انتهى.

(قال) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (فقالوا) أي فقال الوفد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنا) نحن (نأتيك من شقة) بضم الشين أي من سفرة ومرحلة (بعيدة) ومسافة طويلة، قال النووي: الشقة السفر الطويل وصفها بالبعد تأكيدًا وقيل هي المسافة، وضم شينها أفصح من الكسر لأنها لغة القرآن، سُميت شقة لأنها تشق على الإنسان، وقيل هي المسافة وقيل الغاية التي يخرج إليها الإنسان (وإن بيننا) معاشر ربيعة (وبينك) يا رسول الله (هذا الحي) والقبيل المعروف، بالنصب على أنَّه اسم إن، حالة كونهم (من كفار مضر) بن نزار بن معد بن عدنان، أي من بني مضر لأنَّ بني ربيعة يسكنون في البحرين، وبنو مضر يسكنون بين المدينة وبين البحرين (وإنا) نحن (لا نستطيع) ولا نقدر (أن نأتيك) ونصل إليك (إلا في شهر الحرام) كذا في الرواية الصحيحة بتعريف الحرام، وإضافة الشهر إليه وهو من باب إضافة الشيء إلى صفته كما قالوا مسجد الجامع وصلاة الأولى وهو على تقدير محذوف فكأنه قال شهر الوقت الحرام ومسجد المكان الجامع وصلاة الساعة الأولى ويعنون بشهر الحرام رجبًا لأنه متفرد بالتحريم من شهر الحل بخلاف سائر الأشهر الحرم فإنها متوالية ولذلك قال فيها ثلاثة سرد وواحد فرد يعنون به رجبًا وهو الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه إنه شهر مضر رواه البخاري ومسلم وأبو داود.


(١) في نسخة: (فقالوا: يا رسول الله؛ إنا نأتيك).

<<  <  ج: ص:  >  >>