والهلاك لأنك (أربيت) أي فعلت الربا المحرم (إذا أردت ذلك) الطيب (فبع تمرك) الرديء (بسلعة) أي بدرهم (ثم اشتر بسلعتك) أي بدرهمك (أي تمر شئت) تحصيله.
(قال أبو سعيد فـ) هل بيع (التمر بالتمر أحق) أي أحرى وأولى (أن يكون ربا) أي أن يسمى ربا (أم) بيع (الفضة بالفضة) أحق وأحرى بأن يسمى ربا، وهذا استدلال بطريق نظري ألحق الفرع الذي هو بيع الفضة بالفضة بالأصل الذي هو بيع التمر بالتمر بطريق أحرى وهو أقوى طرق القياس ولذا قال به أكثر منكري القياس، وإنما ذكر أبو سعيد هذا الطريق من الاستدلال لأنه لم يحضره شيء من نصوص حديث عبادة وفضالة المتقدمة وإلا فالأحاديث أحق وأولى بالاستدلال بها على ذلك لأنها نص (قال) أبو نضرة: (فأتيت ابن عمر بعد) أي بعد ما سألته عن الصرف، وقال في: لا بأس به (فنهاني) أي ابن عمر عن بيع الصرف مفاضلة، فيه تصريح بأن ابن عمر قد رجع عن قوله في الصرف بعد ما سمع الحديث (ولم آت ابن عباس، قال) أبو نضرة: (فحدثني أبوالصهباء) الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس صهيب المدني، روى عن مولاه ابن عباس في الربا وعلي وابن مسعود، ويروي عنه (م ت س) وأبو نضرة وسعيد بن جبير وطاوس، قال أبو زرعة: ثقة، وقال النسائي: ضعيف، وقال في التقريب: مقبول، من الرابعة (أنه سأل ابن عباس عنه) أي عن الصرف بالتفاضل (بمكة) المكرمة (فكرهه) أي فكره ابن عباس الصرف مفاضلة، وهذا صريح أيضًا أنه رجع عن رأيه الأول كما رجع عنه ابن عمر.
وقد أخرج الحاكم عن أبي مجلز قال: كان ابن عباس لا يرى به بأسًا زمانًا من عمره ما كان منه عينًا بعين يدًا بيد، وكان يقول: إنما الربا في النسيئة فلقيه أبو سعيد الخدري فقال له: يا ابن عباس: ألا تتقي الله إلى متى تؤكل الناس الربا، أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو عند زوجته أم سلمة رضي الله تعالى عنها: "إني لأشتهي تمر عجوة" فبعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار فجاء بدل صاعين بصاع من تمر عجوة فقامت فقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه