اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ. وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ
ــ
والمراد ترك ما يشتبه كونه حلالًا فقد (استبرأ) أي طلب البراءة من الذم الشرعي والإثم وحصلها (لدينه و) صان لـ (عرضه) وحفظه من وقوع الناس فيه وتعييبهم له، والعرض بكسر العين وسكون الراء موضع المدح والذم من الناس والمعنى من ترك ما يشتبه عليه سلم دينه مما يفسده أو ينقصه وعرضه مما يشينه ويعيِّبه فيسلم من عقاب الله تعالى وذمّه ويدخل في زمرة المتقين الفائزين بثناء الله تعالى وثوابه لكن لا يصح اتقاء الشبهات حتى تعرف ومعرفتها على التعيين والتفصيل يستدعي فصل تطويل لكن نعقد فيه عقدًا كليًّا إن شاء الله تعالى عن التفصيل مغنيًا فنقول: المكلف بالنسبة إلى الشرع إما أن يترجح فعله على تركه، أو تركه على فعله، أو لا يترجح واحد منهما فالراجح الفعل، أو الترك، إما أن يجوز نقيضه بوجه ما أو لا يجوز نقيضه؟ فإن لم يجز نقيضه فهو المعلوم الحكم من التحليل كحلية لحوم الأنعام أو من التحريم كتحريم الميتة والخنزير على الجملة فهذان النوعان هما المرادان بقوله: الحلال بيّن والحرام بين، وأما إن جوز نقيض ما ترجح عنده فإما أن يكون ذلك التجويز بعيدًا لا مستند له أكثر من توهم وتقدير فلا يلتفت إلى ذلك ويُلغى بكل حال وهذا كترك النكاح من نساء بلدة كبيرة مخافة أن يكون له فيها ذات محرم من النسب أو الرضاع أو كترك استعمال ماء بأن على أوصافه في فلاة من الأرض مخافة تقدير نجاسة وقعت فيه أو كترك الصلاة على موضع لا أثر ولا علامة للنجاسة فيه مخافة أن يكون فيها بول قد جف أو كتكرار غسل الثوب مخافة طرو نجاسة لم يشاهدها إلى غير ذلك مما في معناه فهذا النوع يجب أن لا يلتفت إليه والتوقف لأجل ذلك التجويز هوس والورع فيه وسوسة شيطانية إذ ليس فيه من معنى الشبهة شيء وقد دخل الشيطان على كثير من أهل الخير من هذا الباب حتى يعطل عليهم واجبات أو ينقص ثوابها لهم وسبب الوقوع في ذلك عدم العلم بالمقاصد الشرعية وأحكامها اهـ من المفهم.
(ومن وقع في الشبهات) أي ارتكب الأمور المشتبهة (وقع في الحرام) وهذا يكون لأحد وجهين أحدهما إذا عود لنفسه عدم التحرز مما يشتبه أثر ذلك في استهانته وعدم المبالاة بأمور الدين فوقع في الحرام مع العلم به، وقيل: إن من أكثر الوقوع في الشبهات أظلم قلبه عليه لفقدان نور العلم والورع فيقع في الحرام ولا يشعر به.
وثانيهما: أن من اشتبه عليه الحكم في مسألة فارتكبها بدون تحقيق أو سؤال عنه