وقوله:(عالة) بتخفيف اللام جمع عائل، والعائل الفقير، وقيل العيل، والعالة الفقر كذا في عمدة القاري [٤/ ١٠٠] والفعل منه عال يعيل إذا افتقر كذا في فتح الباري [٢٧٣ /].
قوله:(يتكففون الناس) أي يطلبون الصدقة من أكف الناس وقيل: يسألونهم بأكفهم يقال: تكفف الناس واستكف إذا بسط كفه لسؤال أو سال ما يكف عنه الجوع أو يسأل كفًّا كفًّا من طعام اهـ من الكرماني [٦/ ١٢١] وفتح الباري.
وقوله:(ولست تنفق نفقة) صغيرة ولا كبيرة دفع لما يتوهم من أن الثواب كله في التصدق على الأجانب أو الإيصاء لهم فبيّن صلى الله عليه وسلم أن النفقة على العيال موجب للأجر أيضًا، وقوله:(تبتغي) وتطلب (بها) أي بتلك النفقة (وجه الله) تعالى ورضاه صفة لنفقة، وفيه دليل على أن ثواب الواجب يزداد باستحضاريته القربة لأن الإنفاق على الزوجة واجب وفي فعله الأجر فإذا نوى به ابتغاء وجه الله ازداد أجره بذلك أفاده الحافظ عن ابن أبي جمرة (إلا أُجرت بها) أي بتلك النفقة أي إلَّا أثبت عليها، قال القرطبي: وهذا يفيد بمنطوقه أن الأجر في النفقات لا يحصل إلَّا بقصد القربة إلى الله عزَّ وجلَّ وإن كانت واجبة وبمفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر على شيء منها، والمعنيان صحيحان ويبقى أن يقال: فهل إذا أنفق نفقة واجبة على الزوجة أو الولد الفقير ولم يقصد التقريب هل تبرأ ذمته أم لا؟ فالجواب أنها تبرأ ذمته من المطالبة لأن وجوب النفقة من العبادات المعقولة المعنى فتجزئ بغير نية كالديون وأداء الأمانات وغيرها من العبادات المصلحية لكن إذا لم ينولم يحصل له أجر، ويفهم منه بحكم عمومه أن من أنفق نفقة مباحة وصحت له فيها نية التقريب أثيب عليها كمن يطعم ولده لذيذ الأطعمة ولطيفها ليبرد شهوته ويمنعه من التشوف لما يراه بيد الغير من ذلك النوع وليرق طبعه فيحسن فهمه ويقوى حفظه إلى غير ذلك مما يقصده الفضلاء.
وقوله:(حتَّى اللقمة) أي تؤجر على جميع إنفاقاتك حتَّى تؤجر على اللقمة التي (تجعلها) وتضعها (في في) أي في فم (امرأتك) وزوجك التي هي من أخص حظوظك الدنيوية وشهواتك وملاذك المباحة فإن وضع اللقمة في فيها إنما يكون ذلك في العادة