عند الملاعبة والملاطفة والتلذذ بالمباح فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة ومع هذا فأخبر صلى الله عليه وسلم أنَّه إذا قُصد بهذه اللقمة وجه الله تعالى حصل له الأجر بذلك، فغير هذه الحالة أولى بحصول الأجر إذا أراد وجه الله تعالى، قال القرطبي: وإنما خص الزوجة بالذكر لأن نفقتها دائمة تعود منفعتها على المنفق فإنها تحسِّنها في بدنها ولباسها وغير ذلك فالغالب من الناس أنَّه ينفق على زوجته لقضاء وطره وتحصيل شهوته وليس كذلك النفقة على الأبوين فإنها تخرج بمحض الكلفة والمشقة غالبًا فكانت نية القرب فيها أقرب وأظهر والنفقة على الولد فيها شبه من نفقة الزوجة وشبه من نفقة الوالدين من حيث المحبة الطبيعية والكلفة الوجودية اهـ من المفهم.
ويتضمن ذلك أن الإنسان إذا فعل شيئًا أصله على الإباحة وقصد به وجه الله تعالى يُثاب عليه وذلك كالأكل والشرب بنية التقوي على طاعة الله تعالى والنوم للاستراحة ليقوم إلى العبادة نشيطًا والاستمتاع بزوجته أو جاريته ليكف نفسه وبصره ونحوهما عن الحرام وليقضي حقها وليحصل ولدًا صالحًا وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"ومن بُضع أحدكم صدقة" والله أعلم.
وقوله:(حتَّى اللقمة) بالجر على أن حتَّى جارة وبالرفع على كونها ابتدائية والخبر تجعلها وبالنصب عطفًا على نفقة قاله القسطلاني، وضبطه العسقلاني بالنصب عطفًا على نفقة وجوَّز الرفع (قلت): والأوضح العطف على ضمير بها والباء بمعنى على كما عليه حلنا.
قال القرطبي: وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لسعد هذا الكلام في هذا الموطن تنبيهًا على الفوائد التي تحصل بسبب المال فإنه إن مات أُثيب على ترك ورثته أغنياء من حيث إنه وصل رحمهم وأعانهم بماله على طاعة الله تعالى كما قال: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة، أي ذلك أفضل من صدقتك بمالك وإن لم تمت حصل لك أجر النفقات الواجبة والمندوب إليها، ويُستفاد من هذا الحديث أن كسب المال وصرفه على هذه الوجوه أفضل من ترك الكسب أو من الخروج عنه جملة واحدة وكل هذا إذا كان الكسب من الحلال الخلي عن الشبهات الَّذي قد تعذر الوصول إليه في هذه الأعصار الحائدة والأزمان الفاسدة اهـ من المفهم.
(قال) سعد: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله) أ (أخلف)