أي على أن لا يعطينا الحمولة (ثم حملنا) أي ثم أعطانا الحمولة فلعلنا أغفلناه يمينه وشغلناه عن تذكرها (فأتوه) ورجعوا إليه (فأخبروه) شأنه بأنك حلفت أن لا تحملنا ثم حملتنا فهل نسيت يمينك يا رسول الله فرجعنا إليه فأخبرناه شأنه (فقال) لنا ما نسيت يميني ولكن (ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم) وهذا كلام سيق لنفي ما توهموه أن هذا الفعل وقع نسيانًا فأخبرهم بأنه لم يفعله نسيانًا وإنما فعله بأمر الله سبحانه.
قال في الفتح: وهذا الكلام يحتمل معنيين: الأول: أن يكون المراد منه نفي حنثه صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حلف على أنه لا يحملهم على بعير مملوك له ثم حملهم من بيت المال وهو مال الله فلم يقع منه الحنث لأجل ذلك وعليه فيكون قوله: "لا أحلف على يمين ثم أرى خيرًا منها إلا كفرت" الخ فائدة مبتدأة مستقلة لا علاقة لها بقصة الباب فكأنه قال: إني لم أحنث بحملكم على هذه النوق ولو كنت أحنث بذلك لما كان ذلك مانعًا من حملكم عليها لأني إذا حلفت بشيء ثم رأيت شرك ما حلفت عليه خيرًا منه لأحنث نفسي وكفرت عن يميني وهذا الاحتمال اختاره ابن المنير وهو الأظهر من صنيع البخاري حيث ترجم عليه اليمين فيما لا يملك. والاحتمال الثاني أنه صلى الله عليه وسلم لم ينف كونه حانثًا بحملهم على النوق وإنما أخبرهم بأن الذي فعله خير مما حلف عليه وأنه إذا حلف فرأى خيرًا من يمينه فعل الذي حلف أن لا يفعله وكفر عن يمينه، وأما قوله ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم فلا علاقة له بمسألة الكفارة والحنث وإنما أصدر كلامه به لنفي ما توهموه أن هذا الفعل وقع نسيانًا فأخبرهم بأنه لم يفعله ناسيًا وإنما فعله بأمر الله سبحانه راجع فتح الباري [٤٩٠/ ٨ و ٤٩١].
(وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين) أي على محلوف عليه من الفعل أو الترك سمى المحلوف عليه يمينًا لتلبسه باليمين اهـ مرقاة (ثم أرى خيرًا منها) أي من تلك اليمين أي أرى خيرًا من المحلوف عليه الذي حلفت منه أنّث الضمير نظرًا إلى لفظة اليمين وإلا فالمحلوف عليه مذكر (إلا كفرت عن يميني) أي إلا أعطيت كفارة يميني بعد حنثها، والواو في قوله:(وأتيت الذي هو خير) منها لمطلق الجمع كما في المرقاة،