فَقَال: هَلُمَّ! أُحَدِّثْكَ عَن ذلِكَ. إِنِّي أتَيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في رَهْطٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ. فَقَال:"وَاللهِ! لَا أَحْمِلُكُمْ. وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيهِ" فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ. فَأُتِيَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبِ إِبِلِ. فَدَعَا بِنَا. فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى. قَال: فَلَمَّا انْطَلَقْنَا، قَال بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَغْفَلْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ. لَا يُبَارَكُ لَنَا. فَرَجَعْنَا إِلَيهِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنا أَتَينَاكَ نَستَحْمِلُكَ. وَإِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا. ثُمَّ حَمَلْتَنَا. أَفَنَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "إِنِّي، وَاللهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ، لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأرَى
ــ
آكله (فقال) أبو موسى للرجل: (هلم) إليّ (أحدّثك عن ذلك) أي عن كيفية التبري والتخلص من يمينك والخروج من عهدتها وذلك (إني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين) حالة كوننا (نستحمله) أي نسأله أن يحملنا أي يعطينا ما نتحمل عليه وبه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه فلبثنا ما شاء الله) تعالى من الزمن (فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهب إبل) أي بغنيمة إبل، والنهب بفتح النون وسكون الهاء ما يُنتهب وهو الغنيمة (فإن قلت): هذه الرواية تدل على أن الإبل أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة وقد مر في الروايات السابقة أنه صلى الله عليه وسلم ابتاعهن من سعد فبينهما معارضة (قلت): يمكن الجمع بينهما بأنه حصلت لسعد غنيمة ثم ابتاعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصته وقد مر الجمع بينهما بوجه آخر فراجعه (فدعا بنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى) وفي الرواية السابقة بثلاث ذود، وقال النووي: لا معارضة بينهما إذ ليس في ذكر الثلاث نفي الخمس فالزيادة مقبولة (قال) أبو موسى: (فلما انطلقنا) وذهبنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال بعضنا لبعض أغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي جعلناه غافلًا وناسيًا (يمينه) أي كنا سبب غفلة عن يمينه ونسيانه إياها وما ذكرناه إياها (لا يُبارك لنا) فيما أخذناه (فرجعنا إليه فقلنا) له: (يا رسول الله إنا أتيناك نستحملك وانك حلفت أن لا تحملنا ثم حملتنا أفنسيت يا رسول الله؟ ) يمينك أم لا (قال: إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى) بضم الهمزة وفتح الراء أي فاظن، وفي نسخة صحيحة بفتح أوله أي أعلم كذا في المرقاة