للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال: لأَطُوفَنَّ عَلَيهِنَّ الليلَةَ،

ــ

كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة في الكثرة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين فمن قال تسعون ألغى الكسر، ومن قال مائة جبره، ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر كذا في فتح الباري في كتاب الأنبياء [٦/ ٤٦٠].

ولكن مثل هذا الجمع فيه تكلف ظاهر وهو بعيد أيضًا بالنظر إلى أن الحديث واحد والراوي في جميع الروايات أبو هريرة رضي الله عنه وإنما يحتمل مثل هذا الجمع إذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بجميع هذه الأعداد في مواقع مختلفة فعنى في بعضها الحرائر وفي بعضها السراري ولم يثبت ذلك لأن الحديث لم يروه غير أبي هريرة فيما نعلم والذي يظهر في كيفية الجمع بينها أن يقال إن هذا الاختلاف إنما نشأ من تصرف الرواة ولعل النبي صلى الله عليه وسلم بيّن عددًا يدل على الكثرة فعبر عنه بعضهم بستين وآخرون بسبعين أو تسعين وقد اشتهر عندهم أن كثيرًا من الرواة كانوا يعتنون بحفظ أصل الحديث ومغزاهُ دون التعمق في حواشيه وتفاصيله التي لا أثر لها على أصل الحديث فحفظوا أصل القصة ولم يتثبتوا في تعيين العدد كتثبتهم في أصل القصة فمن هذا نشأ الاختلاف بينهم وليس ذلك قادحًا في صحة أصل الحديث لما قرره المحدثون أن وهم الراوي في جزء من الحديث لا يستلزم ضعف أصله، وقد استعمل الحافظ هذا الأصل في مواضع من فتح الباري.

وبالجملة فلا سبيل اليوم إلى الجزم بتصحيح أحد هذه الأعداد أو عدد غيره بالنظر إلى اختلاف الروايات وليس تعيين العدد من مقاصد القصة ولا أثر له على مضمون الحديث وإنما يكفي أن يُفهم منه كثرة نساء سليمان - عليه السلام - في الجملة دون تعيين عددها والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من التكملة.

(فقال) سليمان: والله (لأطوفن) أي لأدورن (عليهن) على جميع هؤلاء الستين وأجامعهن هذه (الليلة) الحاضرة، والطواف عليهن كناية عن جماعهن، وفي رواية آتية لأُطيفن بضم الهمزة من أطاف الرباعي وهما لغتان فصيحتان يقال: طاف بالشيء يطوف فهو طائف ومنه قوله تعالى: {فَطَافَ عَلَيهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩)} وأطاف به يطيف إطافة فهو مطيف، وأصل الطواف الدوران حول الشيء ومنه الطواف بالبيت وهو في هذا الحديث كناية عن الجماع كما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يطوف على

<<  <  ج: ص:  >  >>