نسائه وهن تسع في ساعة واحدة من ليل أو نهار رواه أحمد [٣/ ١١١] وهذا يدل على ما كان الله تعالى خص به الأنبياء من صحة البنية وقوة الفحولية وكمال الرجولية مع ما كانوا فيه من الجهد والمجاهدات والمكابدات على ما هو المعلوم من حال نبينا صلى الله عليه وسلم وأنه توفي ولم يشبع من خبز البر ثلاث ليال تباعًا متفق عليه من حديث أبي هريرة، وقد رُوي عن سليمان - عليه السلام - أنه كان يفترش الرماد ويأكل خبز الرماد (وهو الطلمة وهي عجين يوضع في الملة حتى ينضج، والملة الرماد والتراب الذي أوقد فيه النار) وهذا هو المعلوم من حال الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ومن كان هذا حاله فالعادة جارية بأن يضعف عن الجماع لكن خرق الله لهم العادة في أبدانهم كما خرقها لهم في معجزاتهم وأكثر أحوالهم اهـ من المفهم. واللام واقعة في جواب قسم محذوف أي والله لأطوفن كما قدرناه سابقًا في حلنا ويؤيده ما سيأتي في الرواية الآتية من قوله صلى الله عليه وسلم:"لم يحنث" لأن الحنث لا يكون إلا عن قسم وكثيرًا ما تحذف العرب المقسم به اكتفاء عنه بلام القسم لدلالتها على المقسم به لكنها لا تدل على مقسم معين كذا في عمدة القاري [٦/ ٥٦٥] في كتاب الجهاد، ولكن يُشكل عليه أن القسم المحذوف لا ينعقد به اليمين حتى يكون لفظ القسم ملفوظًا فالأحسن ما اختاره الحافظ في الفتح [٦/ ٤٦٢] أن التلفظ باسم الله وقع في الأصل وإن لم يقع في الحكاية وذلك ليس بممتنع فإن من قال: والله لأطوفن يصدق عليه أنه قال: لأطوفن فإن اللافظ بالمركب لافظ بالمفرد اهـ منه (فتحمل) أي تحبل (كل واحدة منهن) أي من الستين حملًا، قال الحافظ: قال ذلك على سبيل التمني للخير وإنما جزم به لأنه غلب عليه الرجاء لكونه قصد به الخير وأمر الآخرة لا لغرض الدنيا، قال بعض السلف: نبه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على آفة التمني والإعراض عن التفويض، قال: ولذلك نسي الاستثناء ليُمضى فيه القدر اهـ (فتلد كل واحدة منهن كلامًا فارسًا) أي عارفا ركوب الفرس (يقاتل في سبيل الله) تعالى لإعلاء كلمته ونصر دينه، وتقدم الكلام على الغلام في أوائل الكتاب وأنه الصغير من الذكر وأراد به هاهنا الشاب المطيق للقتال وهذا الكلام من سليمان ظاهره الجزم على أن الله يفعل ذلك الذي أراد لكن الذي حمله على ذلك صدق نيته في حصول الخير وظهور الدين وفعل الجهاد وغلبة رجاء فضل الله تعالى