للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلا وَاحِدَةٌ. فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ: "لو كانَ اسْتَثْنَى، لَوَلَدَتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُن غلامًا، فَارِسًا، يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ"

ــ

في إسعافه بذلك ولا يظن به أنه قطع بذلك على الله تعالى إلا من جهل حالة الأنبياء في معرفتهم بالله تعالى وبحدوده وتأدبهم معه اهـ من المفهم (فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان) وفي بعض الروايات شق رجل، وفي بعضها شق غلام، وفي بعضها واحدًا ساقطًا أحد شقيه، والمراد أنها ولدت ولدًا ناقصًا (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان) سليمان - عليه السلام - (استثنى) أي لو قال إن شاء الله تعالى كما سيأتي مصرحًا به، والاستثناء في اليمين أن يقول إن شاء الله، وسيأتي حكمه والاختلاف فيه في الرواية الآتية إن شاء الله تعالى الولدت كل واحدة منهن غلامًا فارسًا يقاتل في سبيل الله) تعالى، والحديث دليل على جواز قول لو ولولا بعد وقوع المقدور وقد وقع من ذلك مواضع كثيرة في الكتاب والسنة وكلام السلف كقوله تعالى: {قَال لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠)} [هود: ٨٠] وكقوله: {رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} [الفتح: ٢٥] وقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر"، "ولولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم" متفق عليه، فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: "لا يقولن أحدكم لو فإن لو تفتح عمل الشيطان" فمحمول على من يقول ذلك معتمدًا على الأسباب معرضًا عن المقدور أو متضجرًا منه كما حكاه الله تعالى من قول المنافقين حيث قالوا: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} ثم رد الله قولهم وبين لهم عجزهم فقال: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ١٦٨] ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في ذلك الحديث: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، ولا تقل لو كان كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان قل ما شاء الله كان وما شاء فعل" رواه أحمد ومسلم والنسائي في عمل اليوم والليلة فالواجب عند وقوع المقدور التسليم لأمر الله وترك الاعتراض على الله والإعراض عن الالتفات إلى ما فات فيجوز بلو عند السلامة من تلك الآفات والله أعلم. وفيه دليل على أن اليمين بالله تعالى إذا قُرن بالاستثناء إن شاء الله لفظًا منويًا لم يلزم الوفاء بها ولا يقع الحنث فيها ولا خلاف في

<<  <  ج: ص:  >  >>