للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً. كُلهُنَّ تَأتِي بِغُلامٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله. فَقَال لَهُ صَاحِبُهُ، أَو الْمَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ الله

ــ

سبعين امرأة) وأجامعهن (كلهن) بالرفع مبتدأ خبره جملة قوله: (تأتي بغلام) وبالجر على أنه توكيد لسبعين على مذهب الكوفيين القائلين بجواز توكيد الفكرة استدلالا بقول عائشة رضي الله تعالى عنها (ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا كله إلا رمضان) وبقول الشاعر:

لكنه شاقه أن قيل ذا رجب ... يا ليت عدة حول كله رجب

وأما البصريون فلا يجوّزون التوكيد المعنوي إلا في المعارت وحملوا ما ذكر على الشذوذ، وجملة تأتي حال من كلهن أي تلد كلها بغلام شاب (يقاتل في سبيل الله فقال له) أي لسليمان (صاحبه) أي الملك الموكل بالوحي إليه، قال أبو هريرة: (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم فقال له (الملك) بدل صاحبه، والشك من أبي هريرة أو ممن دونه وليس بين الصاحب والملك معارضة غير أن الصاحب أعم فيحتمل الملك وغيره، وقد وقع في بعض الروايات فقال له الملك بالجزم على الثاني، وفي بعضها فقال له صاحبه بالجزم على الأول، وفي بعضها قال له صاحبه قال سفيان: يعني الملك بالجمع بينهما ورجح الحافظ كونه ملكا لأن من جزم حجة على من لم يجزم وغلط من قال إنه آصف بن برخيا اهـ فتح الباري [٦/ ٤٦١] ولكن لا ضرورة إلى تعيين ما أبهمه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال القرطبي: قوله: (فقال له صاحبه أو الملك) هذا شك من أحد الرواة في الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان صاحبه فيعني به وزيره من الإنس والجن وإن كان الملك فهو الذي يأتيه بالوحي وقد أبعد من قال: هو خاطره اهـ من المفهم (قل) يا سليمان (إن شاء الله) أي علق يمينك بمشيئة الله، وهذا تذكير له بأن يقول بلسانه لا أنه غفل عن التفويض إلى الله تعالى بقلبه فإن ذلك بعيد على الأنبياء وغير لائق بمناصبهم الرفيعة ومعارفهم المتوالية، وإنما هذا كما قد اتفق لنبينا صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن الروح والخضر وذي القرنين فوعدهم بأن يأتي بالجواب غدا جازمًا بما عنده من معرفته بالله تعالى وصدق وعده في تصديقه وإظهار كلمته لكن ذهل عن النطق بكلمة إن شاء الله لا عن التفويض إلى الله تعالى بقلبه، فأدب بأن تأخر الوحي عنه حتى رموه بالتكذيب لأجلها، ثم إن الله تعالى علمه وأدبه بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] فكان بعد ذلك يستعمل هذه الكلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>