للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ مَنِ الْعَوَامِّ، إِلَّا بِأَنْ يُوَقِّفَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ غَيْرُهُ،

ــ

ويُقال: أَتْقَنَ الأَمْرَ إِتْقانًا إِذا أَحْكَمَهُ وأجَادَهُ، ويُقال: عَالجَ الأمرَ معالجةً وعِلاجًا إِذا زاولَه ومارسَه وحاولَه وطَالبَه.

(ولا سِيَّما) أي: ولا مِثْلَ ضبطِ القليل الذي استقرَّ (عندَ مَنْ لا تمييزَ) ولا تفصيلَ (عندَه) بين صحيحِ الأحاديث وسقيمِها موجودٌ، وقولُه: (من العَوَامِّ) بيانٌ لـ (مَنْ) الموصولةِ؛ أي: حالةَ كون مَنْ لا تمييزَ عنده من جنس العوامّ الذين لم يُرْزَقُوا بعضَ التيقُّظِ والمعرفةِ بأسبابِها وعِلَلِها.

وكلمةُ (لا سِيَّما) تُفِيدُ أَنَّ ما بعدها أَوْلَى بالحُكْم ممَّا قبلها، فيكون ما بعدها كالمُخْرَج عن مساواة ما قبلها إِلى التفضيل، والمعنى هنا: واحتياجُ مَنْ لا تمييزَ عنده إِلى ضبطِ القليل وإِتقانِه أَشَدُّ وآكَدُ من احتياجِ غيره إِليه، وليسَتْ أداةَ استثناء.

والسِّيُّ -بتشديد الياء وقد تُخَفَّفُ- بمعنى المِثْل، ولا عاملةٌ عملَ إِن، سِيَّ: اسمُها منصوبٌ، وما: موصولةٌ في محل الجرّ مضاف إِليه، وهي واقعةٌ على ضبطُ القليل كما أشرنا إِليه في الحلّ.

والظرفُ في قوله: (عندَ مَنْ لا تمييزَ) صلةٌ لِما الموصولة، وخبرُ لا محذوفٌ تقديرهُ: ولا مِثْلَ ضبطِ القليل الذي اسْتَقَرَّ عندَ مَنْ لا تمييزَ عنده موجودٌ؛ أي: وضبطُ القليلِ عند مَنْ لا تمييزَ عنده آكَدُ وأَشَدُّ وأَهَمُّ في المطلوبية من ضبط القليل عند غيره.

وقد بسطنا الكلام في (لا سِيَّما) إِعرابًا ومعنىً في كتابنا "جواهِر التعليمات في شرح التقريظات"، فراجعْه إِن شئتَ الخوضَ فيه.

والعوامُّ: جمع عامّة، والعامَّةُ: اسمُ فاعلٍ من عَمَّ الثلاثي، وهو خلاف الخاصّ، والعامَّة مؤنّث العام، وعامَّةُ الناسِ خلافُ خاصّتهم كما ذكرناه في "الهداية".

وكلمةُ إلا في قوله: (إلَّا بأَنْ يُوَقِّفَه) أداةُ استثناءٍ مُلْغَاةٌ لا عملَ لها، والجارُّ والمجرورُ في قوله: (بأَنْ) متعلِّقٌ بالتمييز في قوله: (عندَ مَنْ لا تمييزَ عندَه) أي: لا تمييز عنده إِلا بواسطة أنْ يُوقِفَه ويُطْلِعَه (على التمييزِ) والتفصيلِ بين أنواع الأحاديث (غيرُه) من أرباب المعرفةِ والتمييزِ بينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>