قَال: ثُم دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ فَقَرَأَهُ. فَإِذَا فِيهِ "بِسْمِ الله الرحْمنِ الرحِيمِ. مِنْ مُحَمد رَسُولِ الله إِلَى هِرَقلَ عَظِيمِ الرومِ
ــ
دونه ولا عذر له في هذا لأنه قد عرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما شح في الملك ورغب في الرياسة فآثرها على الإسلام وقد جاء ذلك مصرحًا به في صحيح البخاري ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفق النجاشي وما زالت عنه الرياسة ونسأل الله توفيقه اهـ ولكن لو تفطن هرقل لقوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي أرسل إليه (أسلم تسلم) وحمل الجزاء على عمومه في الدنيا والآخرة لسلم لو أسلم من كل ما يخافه ولكن التوفيق بيد الله تعالى كذا في فتح الباري (ولو كنت عنده) أي عند الرجل الذي وصفته لي (لغسلت عن قدميه) وفي رواية عبد الله بن شداد عن أبي سفيان لو علمت أنه هو لمشيت إليه حتى أقبل رأسه وأغسل قدميه وفي اقتصاره على ذكر غسل القدمين إشارة منه إلى أنه لا يطلب منه إذا وصل إليه سالمًا لا ولاية ولا منصبًا وإنما يطلب منه ما تحصل به البركة كذا في فتح الباري (وليبلغن ملكه ما تحت قدمي) هاتين كما في رواية البخاري يعني بيت المقدس وكنى بذلك لأنه موضع استقراره أو أراد الشام كله لأن دار مملكته كانت حمص كذا في الفتح (قال) أبو سفيان كما هو مصرح في رواية البخاري (ثم دعا) هرقل (بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي من وكل ذلك إليه أو من يأتي به اهـ من الإرشاد وزاد في رواية شعيب عن الزهري الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل (فقرأه) أي أمر هرقل بقراءته وفي رواية البخاري (فقرئ) بالبناء للمجهول (فإذا فيه) أي في ذلك الكتاب أي ففي الوقت الذي قرئ فيه لفظ (بسم الله الرحمن الرحيم) فإذا فجائية والفاء عاطفة على ما قبلها قال العيني في العمدة [١/ ١١٦ و ١١٧] فيه تصدير الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافرًا وفيه دليل لمن قال بجواز معاملة الكفار بالدراهم المنقوشة فيها اسم الله تعالى للضرورة وإن كان عن مالك الكراهة لأن ما في هذا الكتاب أكثر مما في هذا المنقوش من ذكر الله تعالى (من محمد رسول الله) قال العيني وفيه أن السنة في المكاتبات أن يبدأ بنفسه فيقول من فلان إلى فلان والحكمة في تقديم الكاتب اسمه أن المكتوب إليه يعرف اسم الكاتب في أول نظرة ولولا ذلك لوقع في التشويش (إلى هرقل عظيم) أهل (الروم)