للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال: مَهْلًا لِمَ تَبْكِي؟ ! فَوَاللهِ؛ لَئِنِ اسْتُشهِدتُ .. لأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعتُ .. لأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنِ استَطَعْتُ .. لأَنْفَعَنَّكَ، ثُمَّ قَال: وَاللهِ؛ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَكُم فِيهِ خَيرٌ .. إلا حَدَّثتُكُمُوهُ، إلا حَدِيثًا وَاحِدًا

ــ

(فقال) عبادة لما رأى بكائي (مهلًا) بسكون الهاء أي أمهلني مهلًا يا صنابحي وأنظرني إنظارًا لأسألك عن سبب بكائك على فقال (لم تبكي) بكسر اللام وفتح الميم، وتبكي مضارع مرفوع بضمة مقدرة للثقل؛ أي لأي شيء تبكي، ولأي سبب تبكي، فاللام حرف جرٍّ و (مَ) استفهامية حذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها، فرقًا بينها وبين ما الموصولة.

وفي نسخ شرح الأبي (لا تبكِ) بجزم الفعل بلا الناهية، قال الأبي: يحتمل بكاؤه لما رأى به من كرب الموت، أو لأنَّه لفقد الانتفاع به، والأظهر أنَّه لذكره القدوم على الله تعالى لأنَّه المناسب لتسليته بما ذكر (فإن قلت) إنه لو بكى لشيء مما ذكر لم ينهه لأنَّ البكاء لشيء منها واجب أو مندوب (قلت) ليست لا للنهي؛ لأنَّه لم يبك بصوتٍ حتَّى ينهاه وإنَّما هي لبيان العاقبة كما هي في قوله تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} ثم قال (فـ) ـأقسمت لك (و) حلفت بـ (ـالله) الذي لا إله غيره (لئن استُشْهِدتُ) أي لئن طُلب مني الشهادة لك عند الله سبحانه بالإيمان والعمل الصالح (لأشهدن لك) عند الله سبحانه يوم القيامة (ولئن شُفعت) أي ولئن أُذن لي في الشفاعة لك عند الله يوم القيامة، أو قبلت شفاعتي فيك (لأشفعن) أي لأطلبن (لكّ) الخير والنجاة عند الله تعالى، والشفاعة طلب الخير للغير من الغير (ولئن استطعت) وقدرت على النفع لك، بأي شيء من المنافع في الدُّنيا والآخرة، فالسين والتاء فيه زائدتان، أي ولئن أطقت على النفع لك (لأنفعنك) أي لأجتهدن في تحصيل النفع لك في الدين والدنيا والآخرة، ولئن حييت فأنا مستعد لمنافعك وإن مُتُّ فأنا فرط لك فلا تبكين يا أخي (ثم قال) عبادة (والله) أي أقسمت لك بالله الذي نفسي بيده إما من حديث سمعته من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم) أو ما شيء من الأحاديث التي سمعتها من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (لكم) أيها الحاضرون عندي (فيه) أي في ذلك الحديث (خيرٌ) أي نفع إما في الدين أو في الدُّنيا (إلَّا حدثتكموه) وأخبرتكموه (إلَّا حديثًا واحدًا) لم أحدثكموه خوفًا من اتكالكم عليه، وكلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>