للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرٍ الْحَرَّةِ مَا كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاويَةَ. فَقَال: اطرَحُوا لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ وسَادَةً. فَقَال: إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ. أَتَيتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا حُجَّةَ لَهُ. وَمَنْ مَاتَ وَلَيسَ فِي عُنُقِهِ بَيعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"

ــ

يا حبذا الكرّة بعد الفرّة ... لأجزين فرَّة بكرة

(حين كان من أمر الحرة) وفتنتها (ما كان زمن يزيد بن معاوية) بن أبي سفيان (فـ) ـلما جاء عبد الله بن عمر إلى ابن مطيع (قال) ابن مطيع: (اطرحوا) أي ضعوا (لأبي عبد الرحمن) كنية عبد الله بن عمر (وسادة) أي مخدة ليتكأ عليها تكرمةً له (فقال) عبد الله لابن مطيع (إني لم آتك لأجلس) معك إني (أتيتك لأحدثك حديثًا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله) فإني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خلع يدًا) أي نزع يده (من طاعة) الأمير ونكر الطاعة ليفيد ويشعر أن المقصود أي طاعة كانت قليلة أو كثيرة وكنى بخلع اليد عن الخروج عن طاعة الإمام ونقض بيعته لأن وضع اليد كناية عن العهد وإنشاء البيعة لجريان العادة بوضع اليد على اليد حال المعاهدة (لقي الله يوم القيامة لا حجة له) في فعله ولا عذر له ينفعه اهـ نووي (ومن مات وليس في عنقه بيعة) وعهد للإمام (مات ميتةً جاهلية).

قال السنوسي وفي هذا دليل على أن مذهب عبد الله بن عمر كمذهب الأكثرين في منع القيام على الإمام وخلعه إذا حدث فسقه أما إذا كان فاسقًا قبل عقدها فاتفقوا على أنها لا تنعقد له لكن إذا انعقدت له تغلبًا أو اتفاقًا ووقعت كما اتفق ليزيد صار بمنزلة من حدث فسقه بعد انعقادها له فيمتنع القيام عليه ويدل على ذلك ذكر ابن عمر الحديث في سياق الإنكار على ابن مطيع في قيامه على يزيد وقد احتج من أجاز القيام بخروج الحسين وابن الزبير وأهل المدينة علي بني أمية واحتج الأكثر على المنع بأنه هو الظاهر من الأحاديث كما ترى وبأن القيام ربما أثار فتنة وقتالًا وانتهاك حرم كما اتفق ذلك في وقعة الحرة اهـ ملخصًا.

قال القرطبي وتحديث ابن عمر ابن مطيع الحديث الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان ليبين له أنه لم ينكث بيعة يزيد ولم يخلعها من عنقه مخافة هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>