(محتسب) أجرك على الله تعالى قال النووي المحتسب هو المخلص لله تعالى فإن قاتل لعصبية أو غنيمة أو للصيت أو نحو ذلك فليس له هذا الثواب ولا غيره (مقبل) على العدو (غير مدبر) هارب عنهم فقوله (أتكفر عني خطاياي) هذا بحكم عمومه يشمل جميع الخطايا ما كان من حقوق الله تعالى وما كان من حقوق الآدميين فجوابه بـ (ـنعم) مطلقًا يقتضي تكفير جميع ذلك لكن الاستثناء الوارد بعد ذا يبين أن هذا الخبر ليس على عمومه وإنما يتناول حقوق الله تعالى خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم (إلا الدين) وذكره الدين تنبيه على ما في معناه من تعلق حقوق الغير بالذمم كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد وجراحه وغير ذلك من التبعات فإن كل هذا أولى بأن لا يغفر بالجهاد من الدين لكن هذا كله إذا امتنع من أداء الحقوق مع تمكنه منه وأما إذا لم يجد للخروج من ذلك سبيلًا فالمرجو من كرم الله تعالى إذا صدق في قصده وصحت توبته أن يرضي الله تعالى خصمه عنه كما قد جاء نصًّا في حديث أبي سعيد الخدري المشهور في هذا وقد دل على صحة ما ذكرناه قوله صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة الحديث رواه أحمد ومسلم والترمذي وسيأتي إن شاء الله تعالى ولا يلتفت إلى قول من قال إن هذا الذي ذكره من الدين إنما كان قبل قوله صلى الله عليه وسلم (من ترك دينًا أو ضياعًا فعلي) الحديث متفق عليه يشير بذلك إلى أن ذلك المعنى منسوخ فينه قول باطل منسوخ فإن المقصود من هذا الحديث بيان أحكام الديون في الدنيا وذلك أنه كان من أحكامها دوام المطالبة وإن كان الإعسار وقال بعض الرواة إن الحروإن يباع في الدين وامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على من مات وعليه دينار ولم يجد وفاء له فهذه الأحكام وأشباهها هي التي يمكن أن تنسخ والحديث الأول لم يتعرض لهذه الأحكام وإنما تعرض لمغفرة الذنوب فقط هذا إذا قلنا إن هذا ناسخ فأما إذا حققنا النَّظر فيه فلا يكون ناسخًا وإنما غايته أن تحمل النبي صلى الله عليه وسلم على مقتضى كرم خلقه عن المعسر دينه وسد ضيعة الضائع وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعينه (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فعلى هذا يكون هذا التحمل مخصوصًا به أو من جملة تبرعاته لما وسع الله عليه وعلى المسلمين وقد قيل في معنى هذا الحديث إن معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بذلك من مال الخمس والفيء ليبين أن للغارمين ولأهل الحاجة حقًّا في بيت مال المسلمين وإن