للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مالك وأجازه ابن عبد الحكم وهو ظاهر قول الليث (ما رأيت حقًّا أشبه بباطل منه) يعني الصيد فأما لو فعله بغير نية التذكية فهو حرام لأنه من باب الفساد وإتلاف نفس حيوان بغير منفعة وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان إلا لمأكله.

الثانية لا بد أن يكون انبعاث الكلب بإرسال من يد الصائد بحيث يكون زمامه بيده (فيخلي عنه ويغريه عليه فينبعث أو يكون الجارح ساكنًا مع رؤية الصيد فلا يتحرك له إلا بإغراء الصائد فهذا بمنزلة ما زمامه بيده) فأطلقه مغريًا له على أحد القولين فأما لو انبعث الجارح من تلقاء نفسه من غير إرسال ولا إغراء فلا يجوز صيده ولا يحل أكله لأنه إنما صاد لنفسه وأمسك عليها ولا صنع للصائد فيه فلا ينسب إليه إرساله لأنه لا يصدق عليه (إذا أرسلت كلبك المعلم) ولا خلاف في هذا فيما علمته. قوله (وذكرت اسم الله عليه) وفي أخرى (واذكر اسم الله) على الأمر وظاهر هذا أنه لا بد من التسمية بالقول عند الإرسال فلو لم توجد على أي وجه كان لم يؤكل الصيد وهو مذهب أهل الظاهر وجماعة أهل الحديث ويعضدهم ظاهر قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ} [الأنعام: ١٢١] وذهب طائفة من المالكية وغيرهم إلى أنه يجوز أكل ما صاد المسلم وذبحه فإن ترك التسمية عمدًا وحملوا الأمر بالتسمية على الندب وكأنهم حملوا هذه الظواهر على ذكر اسم الله بالقلب وهو لا يخلو عنه المسلم غالبًا فإنه إذا نوى التذكية فقد ذكر الله تعالى بقلبه فإن معنى ذلك القصد إلى فعل ما أباحه الله تعالى على الوجه الذي شرعه الله وهذا كما قاله بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) رواه أبو داود (١٠١ و ١٠٢) أي لمن لم ينو وأصل هذا أن الذكر إنما هو التنبه بالقلب للمذكور ثم سمي القول الدال على الذكر ذكرًا ثم اشتهر ذلك حتى صار السابق إلى الفهم من الذكر القول اللساني فأما الآية فمحمولة على أن المراد بها ذبائح المشركين كما هو أشهر أقوال المفسرين وأحسنها وذهب مالك في المشهور عنه إلى الفرق بين ترك التسمية عمدًا أو سهوًا فقال لا تؤكل مع العمد وتؤكل مع السهو وهو قول كافة فقهاء الأمصار وأحد قولي الشافعي ثم اختلف أصحاب مالك في تأويل قوله لا يؤكل فمنهم من قال تحريمًا ومنهم من قال كراهة ووجه الفرق أن الناسي غير مكلف بما نسيه ولا مؤاخذة عليه فلا يؤثر نسيانه بخلاف العامد.

وفي المبارق قوله (إذا أرسلت كلبك) إلخ فيه بيان أن إرسال الصائد الكلب شرط

<<  <  ج: ص:  >  >>