للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن النَّبِيّ صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ سُئِلَ عَنِ الخَمرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ فَقَال: "لا"

ــ

سداسياته (أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن) حكم (الخمر تتخذ) وتقتنى بقصد أن تجعل (خلًّا) ويشرب خلها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله (لا) يجوز اتخاذها, ولم أر من ذكر اسم هذا السائل وقيل أبو طلحة الأَنْصَارِيّ كما سيأتي في بيان سبب الحديث، وهذا الحديث دليل الشَّافعيّ والجمهور على أنَّه لا يجوز تخليل الخمر ولا تطهر بالتخليل هذا إذا خللها بخبز حار أو بصل أو خميرة أو غيرها مما يلقى فيها لتعجيل تخللها فهي باقية على نجاستها ويتنجس ما ألقي فيه ولا يطهر هذا الخل أبدًا لا بغسل ولا بغيره أما إذا تخللت بنقلها من الشَّمس إلى الظل أو من الظل إلى الشَّمس ففي طهارتها وجهان للشافعية أصحهما تطهر.

وهذا الذي ذكرناه من أنها لا تطهر إذا خللت بإلقاء شيء فيها هو مذهب الشَّافعيّ وأَحمد والجمهور، وقال الأَوْزَاعِيّ والليث وأبو حنيفة: تطهر، وعن مالك ثلاث روايات أصحها عنه أن التخليل حرام فلو خللها عصى وطهرت، والثانية حرام ولا تطهر، والثالثة حلال وتطهر وأجمعوا أنها إذا انقلبت بنفسها خلًا طهرت، وقد حكي عن سحنون المالكي أنها لا تطهر فإن صح عنه فهو محجوج بإجماع من قبله والله أعلم اهـ نووي. واستدل المانعون من تخليل الخمر بحديث الباب وأجاب عنه المجوزون ومنهم الحنفية بأن المنع من تخليلها كان في مبدإ الأمر حين نزل التحريم ثم أبيح ذلك كما حرم في أول الأمر الانتباذ في ظروف الخمر ثم استقر الأمر على إباحته أما كون هذا النهي في بداية التحريم فيدل عليه ما أخرجه الدارقطني في سننه [٤/ ٢٦٥] من طريق إسرائيل عن السدي عن يحيى بن عباد عن أنس (أن يتيمًا كان في حجر أبي طلحة فاشترى له خمرًا فلما حرمت سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أيتخذ خلًا؟ قال لا) فهذا صريح في أن النهي في حديث الباب إنما وقع في ابتداء تحريم الخمر، وأما كونه أبيح بعد ذلك فالدليل عليه ما أخرجه البيهقي في المعرفة من حديث المغيرة بن زياد عن أبي الزُّبير عن جابر مرفوعًا (خير خلكم خل خمركم) وطعنه البيهقي بالمغيرة بن زياد أنَّه غير قوي ولكن قال البُخَارِيّ قال وكيع: كان ثِقَة، وعن يحيى بن معين: ليس به بأس، وروى الدُّوريّ وابن أبي خيثمة عنه: ثِقَة ليس به بأس، وقال العجلي وابن عمار ويعقوب: ثِقَة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [٣/ ١١٩] وأبو داود [٣٦٧٥] والتِّرمذيّ [١٢٩٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>