للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عائشة قالت: كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في الإناء فأمرسه ثم أسقيه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وروى محمَّد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن أبي إسحاق وسليمان الشَّيبانِيّ عن ابن زياد أنَّه أفطر عند عبد الله بن عمر فسقاه شرابًا فكأنه أخذ منه فلما أصبح غدا إليه فقال له ما هذا الشراب ما كدت أهتدي إلى منزلي؟ فقال ابن عمر: ما زدناك على عجوة وزبيب اهـ.

قلت: هذه الأحاديث صريحة في أن الخليطين مباح ما لم يسكر وحمل بعض علمائنا حديث النهي على ابتدأء الإِسلام وزمن القحط، وممن جوز الخليطين قبل الإسكار الإِمام البُخَارِيّ حيث قال "باب من رأى أن لا يخلط البسر والتَّمر إذا كان مسكرًا وأن لا يجعل إدامين في إدام" وهذه الترجمة أَيضًا تشعر بما قال أئمتنا وكذلك قال بعض أصحاب مالك إن الخليطين حلال وقد احتج له بحديث عائشة المذكور آنفًا وما قال الأبي والسنوسي أن ما ذكر أبو حنيفة من أن ما حل منفردًا حل مجموعًا قياس فاسد الوضع، ويرد بالأختين فإنَّه يجوز نكاح كل واحدة منهما على انفرادها ويحرم الجمع بينهما اعتراض واهٍ لأن ما قال الإِمام أبو حنيفة قاعدة كلية لا قياس، وحرمة جمع الأختين مستثناة منه بنص مخصوص وكذلك خارجة عن سنن القياس والله أعلم، قال العيني: وممن يرى جواز الخليطين قبل الإسكار أبو حنيفة وأبو يوسف قالا وكل ما حل إذا طبخ على الانفراد كذلك حل إذا طبخ مع غيره، ويروى مثل ذلك عن ابن عمر والنخعي اهـ.

(قلت) وما قاله النووي إن الكراهة في أحاديث النهي كراهة تنزيه يجمع به بين الروايات المتعارضة والأقوال المتخالفة فما ورد منها في إثبات الخلط فمحمول على الإباحة وأحاديث الباب محمولة على كراهة التنزيه وذلك خوفًا من الإسراع إلى الإسكار، وإن المكروه تنزيهًا قسم من المباحات فلا معارضة والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [٣/ ٢٩٤] والبخاري [٥٦٠١] وأبو داود [٣٧٠٣] والتِّرمذيّ [١٨٧٦] والنَّسائيّ [٥٥٥٤ و ٥٥٥٥] وابن ماجه [٢٤٣٧ و ٢٤٣٨].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>