(بها) أي بتلك اللقمة (من أذى) ووسخ وقذر غير نجس، والمراد بالأذى هنا المستقذر من غبار وتراب وقذى ونحو ذلك اهـ نووي، والظاهر أن المراد بالأذى مثل التراب ونحوه مما هو طاهر يمكن إزالته أما إذا اختلطت اللقمة بما هو نجس ولا يمكن إزالته أو كان مضرًا فالظاهر أن الحكم لا يتعلق به وحينئذ يطعمه الحيوان والله أعلم (وليأكلها ولا يدعها) أي لا يتركها (للشيطان) إنما صار تركها للشيطان لأن فيه إضاعة نعمة الله واستحقارها أو لأن المانع عن تناول تلك اللقمة هو الكبر غالبًا وكلاهما منهيان اهـ من المبارق، وفي السنوسي: معناه لا يترك أكلها كبرًا واستهانة باللقمة فإن الذي يحمله على الكبر وترفيع نفسه الشيطان، ويحتمل أن يكون في تركها غذاء للشيطان، والأول أوجه، قال الأبي: فاللام على الأول للتعليل وعلى الثاني للملك اهـ (ولا يمسح يده) بعد الأكل (بالمنديل) هو ما يتمسح به من أثر الطعام ومن المخاط والبزاق كما هو معروف، قال ابن فارس في المجمل: لعله مأخوذ من الندل وهو النقل، قال أهل اللغة يقال تندلت بالمنديل أي تمسحت ونقلت الوسخ به، قال الجوهري: ويقال أيضًا تمندلت قال: وأنكر الكسائي تمندلت اهـ نووي (حتى يلعق أصابعه) أو يلعقها كما مر (فإنه) أي فإن الأكل (لا يدري) ولا يعلم (في أي) أجزاء (طعامه البركة) أفي الذي أكل أوفيما بقي على أصابعه فليحفظ تلك البركة في محتملاتها، وفي رواية "في أيتهن البركة" وفي هذه الرواية ترغيب إلى لعق كل الأصابع فإن فعل الآكل ذلك فقد برئ من الكبر، وأصل البركة النماء والزيادة وثبوت الخير ولعل المراد منها هنا ما يحصل به التغذية والتقوية على طاعة الله تعالى، وفي الأبي: وفيه جواز مسح اليد بعد الطعام وهذا والله أعلم فيما يكفي فيه المسح وأما ما فيه غمر أو لزوجة فإنه يغسل لما جاء من الترغيب في الغسل والتحذير من تركه ففي الترمذي وأبي داود "من نام وفي يده غمر فلم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلَّا نفسه" اهـ، والغمر بفتحتين رائحة اللحم أو السمك والمراد هنا مطلق الرائحة الكريهة والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جابر رضي الله عنه فقال: