للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنهَا حُلَلٌ. فَأعْطَى عُمَرَ مِنْهَا حُلَّة. فَقَال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَسَوْتَنِيهَا. وَقَدْ قُلْتَ في حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ

ــ

واختلفوا في حلة سيراء هل هو مركب وصفي أو إضافي فجزم القرطبي والخطابي بأنه مركب وصفي بتنوين حلة ونصب سيراء على أن تكون صفة للحلة كأنه قال حلة مسيرة كما قالوا جبة طيالسة أي غليظة، قال الخطابي: حلة سيراء كقولك ناقة عشراء، وبعضهم لا ينون الحلة ويضيفها إلى سيراء من إضافة الشيء إلى نفسه كقولهم ثوب خز وخاتم حديد، على أن سيبويه قال: لم يأت فعلاء صفة وإنما سيراء ينزل منزلة مسيرة اهـ من المفهم مع زيادة وتصرف، قوله (عند باب المسجد) سيأتي أنها كانت عند عطارد بن حاجب وكان يبيعها عند باب المسجد، وأخرج الطبراني عن حفصة بنت عمر "أن عطارد بن حاجب جاء بثوب من ديباج كساه إياه كسرى" حكاه الحافظ في الفتح [٢٩٨/ ١٠]. قوله (فلو لبستها للناس يوم الجمعة) فيه دليل على أن لبس أحسن الثياب مطلوب يوم الجمعة، وأخرج مالك في الموطإ عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعة سوى ثوبي مهنته". قوله (وللوفود إذا قدموا) فيه دليل على جواز التجمل للوفود وللخروج في مجامع المسلمين التي يقصد بها إظهار جمال الإسلام والإغلاظ على العدو لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عمر إلا كون اللباس حريرًا فثبت تقريره على نفس التجمل، قوله (من لا خلاق له في الآخرة) الخلاق بفتح الخاء وتخفيف اللام النصيب أو الحظ أو القدر ويعني بذلك أنه لباس الكفار والمشركين في الدنيا وهم الذين لا حظ لهم في الآخرة، ويحتمل أن يراد بمن لا خلاق له كل من لبس الحرير في الدنيا قاله الطيبي، وهذا كما مر في حديث البراء "من شرب فيها في الدنيا لم يشرب في الآخرة".

(ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها) أي من جنس تلك الحلة (حلل) جمع حلة، وقد مر تفسيرها آنفًا أي حلل كثيرة من المغانم (فأعطى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عمر) بن الخطاب (منها) أي من تلك الحلل التي جاءت (حلة) واحدة بعث بها إليه (فقال عمر: با رسول الله كسوتنيها) أي ألبستنيها (و) الحال أنك (قد قلت في حلة عطارد ما قلت) يعني قوله إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة (فقال رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>