نفسه وانشرح له صدره وخالط دمه ولحمه وهذا هو الذي وجد حلاوة الإيمان اهـ.
ثم فصل تلك الثلاث فقال (من كان الله) سبحانه وتعالى (ورسوله) صلى الله عليه وسلم (أحب إليه) أي أكثر محبوبية لديه (مما سواهما) من جميع الموجودات حتى على نفسه وولده ووالديه والظاهر أن من في قوله "من كان الله" وأن وما في حيزها في قوله "وأن يحب المرء" وفي قوله "وأن يكره" أنها أخبار لمبتدأ محذوف، أي هي أو أحدها وثانيها وثالثها أو مبتدءات، والخبر محذوف، أي منها ويضعف كونها أبدالًا من ثلاث بدل تفصيل من مجمل أو عطف بيانات، ويكون من كن فيه هو الخبر لما فيه من الفصل بين البدل والمبدل منه، وبين البيان والمبين بالخبر اهـ سنوسي.
والتقدير إحدى تلك الثلاث خصلة من كان الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب عنده مما سواهما، وفي إكمال المعلم: ومعنى حب العبد لله سبحانه استقامته في طاعته والتزامه أوامره ونواهيه في كل شيء، ولذا قال بعضهم: المحبة مواطأة القلب على ما يرضي الرب، فيحب ما أحب ويكره ما كره، فأصل المحبة هي ميل القلب إلى ما يوافقه، ويصح الميل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويتنزه الله تعالى عن أن يميل أو يمال إليه، فمعنى محبة العبد ربه طاعته له، وللمتكلمين فيها أقوال يرجع جميعها إلى هذا والخلاف بينهم لفظي اهـ.
قال الأبي: الطاعة ثمرة المحبة، ولا يفسر الشيء بثمرته، ولا يمتنع تفسير محبة العبد لله تعالى بالميل حقيقية، والذي يتنزه الله سبحانه عنه إنما هو الميل إليه في الحس لإشعاره بالجهة والمكان وميل القلب إلى الشيء إشارة له، ولا يمتنع أن يتعلق ذلك به تعالى كما يتعلق به العلم الآن والرؤية في الآخرة اهـ.
قال القرطبي:(وقوله من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) دليل على جواز إضافة المحبة لله تعالى وإطلاقها عليه، ولا خلاف في إطلاق ذلك عليه محبًا ومحبوبًا كما قال تعالى:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: ٥٤]، وهو في السنة كثير.
قوله:(مما سواهما) ثنى الضمير هنا ورَدَّ على الخطيب قوله: (ومن يعصهما فقد غوى) فقال بئس خطيب القوم أنت، قل ومن يعص الله ورسوله، أجاب عز الدين بأن منصب الخطيب قابل للزلل، فتثنية الضمير توهم أنه سوى بينهما، وأجاب غيره: بأن