مِنْ أَرْضِ الزُّبَيرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم, عَلَى رَأْسِي. وَهْي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ. قَالتْ: فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي. فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ
ــ
الناس ورموه ففيه جواز التقاط المطروحات رغبة عنها (من أرض الزبير التي أقطعه) أي أقطع الزبير وأعطاه إياه والموصول صفة للأرض، ففيه جواز إقطاع الإمام ما شاء لمن شاء من أرض الموات (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي أحملها (على رأسي) من تلك الأرض (وهي) أي تلك الأرض من مسكنها بالمدينة (على ثلثي فرسخ) أي ثلثين من أثلاث الفرسخ وهما ميلان لأن الفرسخ ثلاثة أميال والميلان ثمانية آلاف خطوة بخطوة البعير والخطوة ذراع ونصف والذراع أربعة وعشرون إصبعًا معترضة معتدلة والإصبع ست شعيرات معترضات معتدلات والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون وتفصيلها في كتب الفروع فراجعها.
قال القرطبي: قيل إن هذه الأرض المقطعة له من موات البقيع (أو النقيع) بالنون أقطعه من ذلك حضر فرسه (أي إسراعه في عدوه) فأجراه ثم رمى بسوطه رغبة في الزيادة فأعطاه ذلك كله، وفي البخاري عن عروة أنه صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير وليست هذه الأرض التي كانت أسماء تنقل منها النوى على رأسها لقولها، وهي على ثلثي فرسخ كما تقدم في القول الأول ففيه من الفقه ما يدل على جواز إقطاع الأرض لمن يراه من أهل الفضل والحاجة والمنفعة العامة كالعلماء والمجاهدين وغيرهم لكن تكون تلك الأرض المقطعة من موات الأرض أو من الأرض الموقوفة لمصالح المسلمين كما قدمناه في الجهاد، وفيه ما يدل على جواز الاستزادة من الحلال وإظهار الرغبة فيه كما فعل الزبير رضي الله عنه حيث أجرى فرسه فلما وقف رمى بسوطه رغبة في الزيادة والنبي صلى الله عليه وسلم يبصر ذلك كله ولم ينكره عليه وليس إقطاع الإمام تمليكًا للرقبة وإنما هو اختصاص بالمنفعة لكن لو أحيا الموات المقطع لكان للمحيي لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من أحيا أرضًا ميتة فهي له" رواه أحمد [٣/ ٣١٣] من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما اهـ من المفهم.
(قالت) أسماء (فجئت) أنا (يومًا) من الأيام من تلك الأرض ذاهبة إلى المدينة (والنوى) محمولة (على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه) صلى الله