عليه وسلم (نفر) أي جماعة (من أصحابه) رضي الله عنهم لم أر من ذكر أسماءهم ولكن في تنبيه المعلم هم جبير بن إياس الزرقي والحارث بن قيس وعمار وقيس بن محصن انظر فتح الباري [١٠/ ٢٣٠] وذكر البخاري في فرض الخمس تعليقًا عن أبي ضمرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير" وكان ذلك في أوائل قدومه المدينة فيحتمل أن تكون هذه القصة قبل نزول الحجاب وهو الذي رجحه الحافظ [٩/ ٣٢٤] ويحتمل أن تكون أسماء رضي الله تعالى عنها خرجت إلى تلك الأرض مراعية لأحكام الحجاب والله أعلم.
(فدعاني) أي ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي تعالي يا أسماء (ثم) بعدما جئته (قال) لبعيره ليبرك (إخ إخ) أي اضطجع اضطجع وهي بكسر الهمزة وسكون الخاء كلمة تقال للبعير لمن أراد أن ينيخه، وقال القرطبي: قوله (إخ إخ) تعني به أنه نوخ ناقة ليركبها عليها وهو صوت تنوخ به الإبل وظاهر هذا المساق يدل على أنه صلى الله عليه وسلم عرض عليها الركوب وحدها فلم تركب لأنها استحيت كما قالت فيما سيأتي وعلى هذا فلا يحتاج إلى اعتذار عن النبي صلى الله عليه وسلم في ركوبها معه فإنه يحتمل أنها لو اختارت الركوب وحدها تركها راكبة وحدها ولا يكون فيه من حيث هذا اللفظ دليل على جواز ركوب اثنين على بعير واحد فتأمله اهـ من المفهم. (ليحملني خلفه) قال في الفتح تحت قوله (ليحملني خلفه) فهمت ذلك من قرينة الحال وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يركبها وما معها أحد ويركب هو شيئًا آخر غير ذلك البعير اهـ.
وبقوله (ليحملني خلفه) استدل من ترجم عن هذا الحديث كالنووي بجواز ارتداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق ولعله أراد ارتدافها على البعير فقط لأن الراكب والرديف في البعير لا يلتقي جسماهما أما إذا كان الارتداف بالتقاء جسميهما فلا يجيزه أحد، وقال القاضي عياض: وهذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره فقد أمرنا بالمباعدة بين نفوس الرجال والنساء وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن ليقتدي به أمته قال: وإنما كانت هذه خصوصية له صلى الله عليه وسلم لكونها بنت أبي بكر وأخت عائشة وامرأة للزبير فكانت كإحدى أهله ونسائه مع ما خص به صلى الله عليه وسلم أنه أملك لإربه، وأما إرداف المحارم فجائز بلا خلاف على كل حال اهـ.