(قالت) أسماء للزبير (فاستحييت) من الركوب معه صلى الله عليه وسلم (و) الحال أني قد (عرفت) وتذكرت (غيرتك) على حريمك أي شدتها، وفي الكلام حذف تقديره وإني ذكرت هذه القصة للزبير وقلت له: فاستحييت وعرفت غيرتك تعني ما جبل عليه من الغيرة وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يغار لأجله كما قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: وعليك أغار يا رسول الله. حين أخبره أنه صلى الله عليه وسلم رأى قصرًا من قصور الجنة فيه امرأة من نساء الجنة قال:"لمن أنت؟ " فقالت: لعمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فذكرت غيرتك " فتوقع النبي صلى الله عليه وسلم تحريك الغيرة بحكم الجبلة وإن لم يغر لأجله (فقال) الزبير لها (والله لحملك النوى على رأسك أشد) أي أثقل (من ركوبك معه) صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: ووجه المفاضلة التي أشار إليها الزبير أن ركوبها مع النبي صلى الله عليه وسلم لا ينشأ منه كبير أمر من الغيرة لأنها أخت امرأته فهي في تلك الحالة لا يحل له تزوجها ولو كانت خلية من الزوج، قال القرطبي: وقول الزبير لها لحملك النوى أشد علي .. الخ يدل على أن الزبير لم يكلفها على شيء من ذلك وإنما فعلت هي ذلك لحاجتها إلى ذلك وتخفيفًا عن زوجها على عادة أهل الدين والفضل الذي لا التفات عندهم إلى شيء من زينة الدنيا وإلى شيء من أحوال أهلها فإنهم كانوا لا يعيبون على أنفسهم إلا ما عابه الشرع فكانوا أبعد الناس منه وأخرج هذا القول من الزبير فرط الاستحياء المجبول عليه أهل الفضل ويعني بذلك أن الحياء الذي لحقه من تبذلها بحمل النوى على رأسها أشد عليه من الغيرة التي كانت تلحقه عليها لو ركبت مع النبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم ليس ممن يغار على الحريم لأجله والله تعالى أعلم اهـ من المفهم (قالت) أسماء فكنت أقوم بخدمة الزبير ومؤنة فرسه (حتى أرسل إلي) والدي (أبو بكر) الصديق رضي الله عنه (بعد ذلك) أي بعد ما كنت حاملًا لتلك المؤنة الثقيلة (بخادم) أي بجارية تخدمني، ويقال للذكر والأنثى خادم بلا هاء (فكفتني) تلك الجارية أي حملت عني مشقة (سياسة الفرس) وتدبير شؤونه (فكأنما أعتقتني) تلك الجارية وحررتني من رقية العمل