مني (ما لك) أيها الرجل أي أي شيء ثبت لك في طلب الإذن مني في الجلوس في ظل داري وما (بالمدينة) دور لها ظل (إلا داري) فامش مني فلا آذن لك قالت أسماء (فقال لها) فيه التفات ومقتضى المقام أن يقال فقال لي (الزبير: مالك) أي، أي شيء ثبت لك وأي عذر لك يا أم عبد الله في (أن تمنعي رجلًا ففيرًا) يريد أن (يبيع) بضاعته تحت ظل دارك، قالت أسماء فأذنت له (فكان) ذلك الرجل (يبيع) بضاعته تحت ظل داري (إلى أن كسب) مكسبًا كثيرًا وربح أرباحًا كثيرة، قالت أسماء (فبعته) أي فبعت ذلك الرجل (الجارية) التي أرسلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فدخل علي الزبير وثمنها) أي ونقود ثمنها (في حجري) أي في مقدم بدني (فقال) الزبير لي (هبيها) أي هبي هذه النقود (لي قالت) أسماء فقلت له (إني قد تصدقت بها) أي بهذه النقود أي نويت تصدقها على الفقراء المساكين فقد خرج عن ملكي فلا أقدر الهبة لك.
وقول أسماء (مالك بالمدينة إلا داري) تكلمت أسماء بما يدل على كراهتها لأن يجلس الرجل في ظل دارها لئلا تقع في قلب الزبير آية شبهة فيجيز الرجل هو بنفسه ووقع كما قدرت وكان ذلك حيلة لاسترضاء الزبير ولمصلحة الرجل، قال القرطبي: وتوقف أسماء رضي الله تعالى عنها في الإذن للفقير إلى أن يأذن الزبير إنما كان مخافة غيرة الزبير أو يكون في ذلك شيء يتأذى به الزبير وحسن أدب وكرم خلق حتى لا تتصرف في شيء من مالها إلا بإذن زوجها وأمرها للفقير بأن يسألها ذلك بحضرة الزبير لتتخرج بذلك ما عند الزبير من كرم الخلق والرغبة في فعل الخير وليشاركها في الأجر وذلك كله منها حسن سياسة وجميل ملاطفة تدل على انشراح الصدور وصدق الرغبة في الخير اهـ من المفهم.
قال الأبي:(قوله فبعته الجارية) يعني الجارية التي أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسلها أبو بكر رضي الله عنه إليها ولعلها باعتها وتصدقت بثمنها لأنها استغنت عنها بغيرها، فيه دلالة على أن تصرف المرأة في البيع والابتياع بغير إذن زوجها نافذ وليس له أن يتحكم في مال الزوجة اهـ. وليس له منعها من ذلك إذا لم يضره ذلك