للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} والقرآن والسنة مملوآن بمثل هذا مما هو كالمنافي لمعنى الأخوة حتى إن الشرع قطع بين المؤمن وذي نسبه من الكفار، وإن كان أقرب الناس إليه كولده وأبيه بعض أحكام النسب من الميراث ونحوه، وأما بغضنا للكفر وشدة حبنا للإيمان فمن أجل ذلك انقطعت الأخوة بيننا وبين الكفار وكيف تثبت الأخوة والمواصلة بيننا وبين من اتخذ مع مولانا شريكًا وخرق حجاب الهيبة بعبادة مخلوق دونه لا يملك نفعًا ولا ضرًّا، وكذب خواصه جل وعلا من خلقه الذين بعثهم رحمة ونعمة لا يقدر على شكرها وأفاض بهم أنوار المعارف وأنواع الخيرات دنيا وأخرى صلوات الله وسلامه على جميعهم، وبهذا يظهر أنه لا يحتاج إلى تقدير وصف المؤمن أو المسلم في الحديث لأن لفظ أخ غلب عُرفًا عليهما.

(الثاني) في قوله (ما يحب) أي مثل ما يحب لنفسه، على حذف مضاف، ولو لم يقدر ذلك لأدى إلى معنى أن المرء لا يحب لنفسه شيئًا إذ الذي يحب لنفسه هو بعينه الذي يحب لغيره، وذلك لا يصح أن يكون لهما لاستحالة كون الشيء الواحد في الوقت الواحد في محلين فتعين صرفه لأخيه، ونقل ابن بطال: أن ظاهر يُحب لأخيه المساواة، ومعناه محبة التفضيل له على نفسه، لأن المرء يُحب أن يكون أفضل من غيره، فيصرف ذلك لأخيه فيبقى أن يُحب لنفسه أن يكون مفضولًا، قال بعضهم: يعني لاستحالة أن يكون كل منهما أفضل من جهة واحدة، فتعين أن يحب لنفسه المفضولية، وما ذكره إنما يلزم إذا كان يحب لنفسه الأفضلية دائمًا وذلك غير لازم، إذ قد يحب المساواة كثيرًا، وأن كان حبه الأفضلية أكثر.

(الثالث) في قوله (لنفسه) عبر بالنفس لأنها أعز شيء على الإنسان، ولا بد من تقييده بما يليق بأخيه شرعًا من مصلحة دنيوية مباحة، أو أخروية، وإلا فقد يحب الإنسان لنفسه شهوة لا تحل فلا ينبغي أن يحب مثلها لأخيه.

(الرابع) قال الشيخ محمد بن مرزوق: يزاد في الحديث، وذلك مع عدم تضايق الحقوق مثل أن يكون مع المكلف ما يحيي به نفسه فقط أو يستر به عورته فقط، فإنه يجب عليه أن يبدأ بنفسه قبل ابنه وأبيه وأخيه فضلًا عن الأجانب، لأن ذلك مقتضى أصول الشريعة كقوله صلى الله عليه وسلم "ابدأ بنفسك" وقوله للذي قال له عندي دينار

<<  <  ج: ص:  >  >>