أعضائه لشدة المرض (أخذت بيده) الشريفة (لأصنع به) وأفعل (نحو) أي مثل (ما كان يصنع) بنفسه عند خفة مرضه وبغيره في حال صحته من القراءة على يده والمسح بها، وسيأتي في رواية عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات فلما مرض مرضه الَّذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي" فكأنها جمعت بين المعوذات وبين هذا الدعاء (فانتزع) أي جذب وأخذ (يده) الشريفة (من يدي) كالكاره لأخذي إياها (ثم) بعدما انتزع يده من يدي (قال اللهم اغفر لي واجعلني) من المرافقين (مع الرفيق الأعلى) فسره بعض العلماء بأن المراد من الرفيق الأعلى المرافقون في المكان الأعلى وهو الجنّة أي اجعلني مع المرافقين في الجنّة من الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، ويؤيده ما وقع عند ابن إسحاق "الرفيق الأعلى للجنة، وقيل المراد بالرفيق ما يشمل الواحد وما فوقه والمراد الأنبياء ومن ذكر معهم في قوله تعالى:{مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ونكتة الإتيان بهذه الكلمة بالإفراد الإشارة إلى أن أهل الجنّة يدخلونها على قلب رجل واحد نبه عليه السهيلي، وزعم بعض المغاربة أنَّه يحتمل أن يراد بالرفيق الأعلى الله عزَّ وجلَّ لأنه من صفاته كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق" أخرجه مسلم، قال القرطبي: وفيه بعد من جهة اللسان.
وقد دلت الروايات الكثيرة على أن هذه الكلمة كانت آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم وقال السهيلي: الحكمة في اختتام كلام المصطفى بهذه الكلمة كونها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب حتَّى يستفاد منه الرخصة لغيره أنَّه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع فلا يضره إذا كان قلبه عامرًا بالذكر. هذا ملخص ما في كتاب المغازي من فتح الباري [٨/ ١٣٧ و ١٣٨].
(قالت) عائشة (فذهبت) أي شرعت وقصدت أن (انظر) إليه فنظرت إليه وأمعنت في نظري (فإذا هو) صلى الله عليه وسلم (قد قضى) وأتم وأدى حياته من الدنيا وارتحل